قهوة المساء : قواعد السيطرة ( 14 ) بقلم الأستاذ داوود الاسطل
القاعدة الرابعة عشر : العيون الوقحة / حرب المعلومات
القاعدة تقول باختصار : ( تودد كصديق لتراقب كجاسوس )
جمع الأخبار ومعرفة أسبار الآخرين والوصول الى ما يخبئون في صدورهم من مكنونات أنفسهم وخباياها وأسرارهم الخاصة ، او خططهم ، هي وسيلة قديمة حديثة للتميز على الطرف الآخر ، وقد اصبحت تلك الوسائل منتشرة على كافة المستويات وبكافة الوسائل .
لن اتطرق هنا الى الأمور المعقدة التي تُبنى على الجاسوسية ، او تلك الأمور المخابراتية او الاستخباراتية ، ولكنني سأركز على الأمور المجتمعية البسيطة التي تؤثر على السلم الأهلي والمجتمعي وهو ما يهم أكثر الناس او يواجهونه في الحياة اليومية الطبيعية .
أخطر أنواع الجاسوسية المجتمعية هي الخيانة من الداخل ، ولا يكون ذلك الا من خلال الأهل او الأصدقاء أو الاقارب أو الجيران او الزملاء ، بمعنى آخر الذين يعتبرون الحاضنة الأساسية للشخص .
الأمور التي لا نُلقي لها بالاً ، تلك الأمور المتعلقة بالتلصص على مشاعرنا وأحاسيسنا والولوج الى دواخلنا ممن نظنهم قريبون منَّا .
قال تعالى : ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِۦٓ أَزْوَٰجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) طه 131
ان الجاسوسية ليست فقط جمع معلومات بهدف المعرفة ، بل يمكن ان يكون الهدف خلط الاوراق وبث الفتن وقلب الحقائق بل هناك ما هو اخطر من ذلك ، تغليف المشاعر بالحسد والبغض والحقد والاستكثار والاستحواذ وكره الخير لصاحبه .
حاطب بن ابي بلتعة شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه وقع في شرك الجاسوسية المغلفة بالخوف على الأهل وليس الخيانة ، لكن اصل ذلك افشاء السر وكشف الخطط اعتمادا على نقاط الضعف الشخصية .
كل انسان له نقاط قوة وعنده نقاط ضعف ، فمن يحسدك على قوتك يبحث عن ضعفك ، كمن لا يستطيع دخول بيتك من بابه ، فلا شك ان النافذه احدى وسائله .
التلصص مرض مجتمعي هدفه الثرثرة واشاعة الفتنة ، عيونٌ وقحة ، يكذبون وهم ينظرون الى عينيك ، تفضفض لهم ، تصرح امامهم ، ولا تعلم انهم أعداء ماكرون .
قال تعالى :
( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) المنافقون 4
لا تفتح ثغرك لكل من اظهر لك نابه ، ولا يغرنك صفار ابتساماتهم فالغدر خصلة من خصال المرء .
قال المتنبي :
وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي
حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
الموضوع طويل وخطير ولكني أراني مكتفيا بهذا القدر
فلسطين – غزة
23/12/2021
التعليقات مغلقة.