قهوة المساء : قواعد السيطرة (24) بقلم الأستاذ داوود الاسطل
القاعدة الرابعة والعشرون : ( التابع ، رجل الحاشية البارع )
لكل صاحب سلطة حاشية يحيطون به ، كانوا قديما يطلقون عليهم البلاط الملكي ، أما الآن فهم رجال الحكم المحيطون بالرئيس أو الحاكم أو صاحب السلطة ، وأولئك هم المتحكمون الرئيسيون بزمام الأمور وبأدوات الحكم ( الحاشية ) .
والحاشية لها رجالها البارعون في المكر والدهاء والرشاقة والفهلوة ، يتوددون اليهم ويقدمون لهم كل آيات الولاء والتذلل ونعومة الحركات وظريف الكلمات .
أولئك التابعون يحيطيون أنفسهم بهالةٍ من الاهتمام وقلة الظهور مستخدمين بذلك مجموعة من الأرزقية الذين يحاولون جاهدين اثبات الولاء لكبرائهم وغالبا ما يكونون وقودا لهفوات رجال الحاشية البارعين في التخفي عن عيون الناس والظاهرين ظهور المتحكم في شئون الرعية ، العالم بخباياها ، والقادر على مسايرتها وتوجيهها الى المسار المطلوب .
وغالباً ما تجد التابع ( رجل الحاشية البارع ) يتبوأ أكثر من منصب ، لأنه لم تلده ولَّادة ، ولم يأتي الزمان بمثله ، فهو رجل المهام الصعبة الذي لا يؤتمن غيره على المناصب الرفيعة .
كل ذلك لأن صاحب البلاط او الحاشية محاط بكثير من الأسرار التي لا ينبغي لأحدٍ الإطلاع عليها وبالتالي يقل المحيطون به وتزداد أهمية التابع وفقاً لذلك وحفاظاً على أسرار القائد الهمام .
والرجل التابع يظهر أمام الناس ببهرجة وزينة لأنه يعلم جيدا بأن الناس لا يحبون المتواضع ولا يوقرون الضعيف ولا يكترثون للفقير بل ينجذبون الى الموهوب ، الساحر ، الذي يُسحر أعين الناس ويسترهبهم .
الناس غالباً ما يتشذقون بالمثالية الجوفاء وهم في حقيقة الأمر كاذبون أو ساذجون ، قد تأخذهم الشفقة أحيانا على الضعفاء لكن لا يبهرهم ذكاؤهم أو أنَفَتُهم أو عِلمُهم ، فكلٌ يلهث خلف مصلحته فقط .
خلاصة القول أننا نعيش واقع أليم من البيروقراطية العفنة ، والتملق الزائد عن حَدِّه ، الذي سينعكس سلباً على الخدمات المقدمة للجمهور ، فمن عاش عمره ليُرضي سيده ، مات عبداً على أبواب بلاطه ، فلا تنتظر من العبيد سلوك الأحرار .
فلسطين – غزة
19/1/2022
التعليقات مغلقة.