قهوة المساء : قواعد السيطرة ( 4 ) بقلم الأستاذ داوود الاسطل
القاعدة الرابعة : إقتصاد الكلام
إن كثرة الكلام تضيع الهيبة ، فالناس يبحثون عنك من خلال كلامك ، فقد تنهار عظمتك وشجاعتك عند أول خروج لك أمام الجماهير ، لذا ترى أصحاب القوة والحكم ، يبحثون عن الثرثاريين لينوبوا عنهم في الفضائيات والمهرجانات ، فيملؤا الدنيا ضجيجا ، والناس تشبعهم سبابا ، وتسبح باسم الحاكم وتقدس له .
الناس طبقات ، فهم :
طبقة دنيا تمثل معظم أفراد المجتمع وطبقة متوسطة تدير المجتمع وطبقة عُليا تمثل الحكام والأمراء والوزراء وأصحاب الأموال والنفوذ
قال تعالى :
( وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمْ ۚ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَٰمِتُونَ ) الاعراف 193
ان أكثر الذين يفتحون أفواههم هم أصحاب الطبقة المتوسطة ، لأنهم يحاولون التأثير في الطبقة الدنيا واقناعهم خدمةً لأصحاب الطبقة العليا طمعا في المنصب او الترقية أو المكافأة ، ومنهم أيضا من يقاتل باسم الجماهير ويطالب الطبقة العليا بإنصافهم ولكنهم قلة ،
الصمت لغة العظماء ، يربكون به حسابات الآخرين ، ويجهدونهم ، ويتعبونهم في تفسير خباياهم ، فخير الكلام ما قلَّ ودلّ ، والإيجاز خلاصة الذكاء .
قال الشافعي رحمه الله :
قالوا سكت وقد خوصمت ، قلت لهم :
إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف
وفيه أيضا لصون العرض اصلاح
أما ترى الأُسْدُ تُخشى وهي صامتةٌ
والكلب يخسأُ لعمري وهو نبَّاح
وخلاصة القول أن الصمت لا يعني السكوت وانما يعني الإيجاز في الكلام ، والثرثرة وكثرة الكلام خلقٌ ذميم ، وأن الأصل هو التوسط والتوازن ، وأن الناس طبقات ، فكلما عَلَت الطبقية كان الصمت أجدى وأنفع ، وكلما كان المتحدثون من أوساط المجتمعات ، كان لكلامهم سحراً وتأثيرا في الجماهير ، فإما تسلقاً يحبه الحكام وإما ثورة تجابهها سطوتهم .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
4/12/2021
التعليقات مغلقة.