قهوة المساء : قواعد السيطرة ( 6 ) بقلم الأستاذ داوود الاسطل
القاعدة السادسة : الجاذبية والغموض
الإنسان بطبيعته يميل الى التميز ، الذي يضفي عليه بريقا وجاذبية ، وكلما أُحيط هذا التميز بالغموض،كلما كان أكثر جاذبية ولمعانا .
هناك بعض الصفات ترافق الشخص ، او تولد معه ، تكسبه جاذبية خاصة ، وبعض الصفات يكتسبها بالعلم والتعلم .
لقد كان يوسف عليه السلام طفلا عاديا ، حتى رأي في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين ، تبين أنه طفل مميز ، وعندما افتُتنت به زليخا ونسوة المدينة تبين أنه شاب فائق الجمال ، ولما دخل السجن ، أحاط به السجناء ، ينتهلون من علمه ويستفتونه في شؤونهم تبين أنه صاحب مكارمٍ وأخلاق ، وعندما اشتهر بتأويل الأحلام ذاع صيته وبالعلم والأمانة علا شأنه حتى أصبح في مقام الحكم والمتصرف في الشؤون المالية والسياسية .
ليس كل من يصلون الى هذه المناصب كيوسف عليه السلام ، لأن وسائل العصر الحديث مبنية على الكذب والخداع وتضليل الجماهير ، سرعان ما يكتشف الناس بأنهم يطاردون سرابا لا يروي لهم ظمأ .
إذن الناس تحكم على الظاهر من الأفعال والهندام وبالتالي أصبح التألق مهارة يكتسبها الشخص من محيطه تأثيرا وتأثُرا .
والغموض يستثير حفيظة الناس ، ليكتشفوا ما أخفي عنهم ، ولو نظرنا الى موضوع عصا موسى عليه السلام من الناحية المادية الملموسة لوجدنا انها لا تعدو عصا تحولت الى أفعى حقيقية ومن ثم ضُرب بها البحر ، ولكن الإثارة هنا هو الغموض الذي يحيط بها والسر الذي يختفي خلفها ، وما هي الاشارة التي فهمها فرعون او تلك التي لم يفهمها ، الشاهد في الموضوع أن قوم موسى خاضوا معه البحر يقينا بفعل الغموض الذي كان يحيط بموسى عليه السلام وعصاه ،
قال تعالى :
( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ • قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) الشعراء61
كل ما تقدم يفضي الى حقيقة أن المجتمع يحتاج دوما الى رموز وقادة قدوة ، يحتاجون الى أشخاص تبهرهم جرأتهم وقدراتهم الذهنية والجسمية .
ويبقى الهدف الدائم هو السيطرة على الجماهير لتحقيق المجد الذاتي والشهرة المنشودة وصولا الى احكام السيطرة الكاملة على منصات الحكم .
فلسطين – غزة
6/12/2021
التعليقات مغلقة.