قهوة بالنعناع شعر د. جمال مرسي
…
و كَأَنَّنِي ..
إذ شَقشَقَت أَطيارُ قَلبِكِ في الصَّباحِ
رَشَفتُ فِنجانِي مَعَكْ .
و جَلَستُ أَنظُرُ مِن نَوَافِذِ مُقلَتَيكِ
إلى حَديقةِ قَلبِكِ المَزرُوعِ بالنَّعناعِ
و النَّسرِينِ
يا ما أروَعَكْ .
لا تَجلِبِي ” الكِيكَ ” المُحَلَّى
لا تُضيفِي سُكَّراً للبُنِّ
يكفي لو يُلامِسُ .. في اْشتياقٍ .. إصبعَكْ .
فِنجانُ قهوتِنا ،
و طَاوِلَةُ ” الفرَندا “،
مَقعدانِ على ضِفَافِ الحَرفِ ،
نَبضُ مَشَاعِرٍ
و عَنَادِلُ الشِّعرِ المُصَفَّى كُلُّهَا تَدعُو
لأنْ تُصغِي إليَّ ، و أَسمَعكْ .
بُوحِي بِسرِّ القَلبِ يا عُصفُورَةَ الرُّوحِ الطليقةَ
حلِّقي
في ذا الفَضَاءِ
تَأَرجَحِي
كَصَغِيرةٍ زَانَت جَدَائِلَها الشَّرَائطُ
دَاعِبِي
بِبراءَةِ الأَطفَالِ سَمْعِي
ثَرثِري إنْ شِئتِ
لا ، لن أمنَعَكْ .
فَلَقَد سَكَنتِ القَلبَ ،
يا سُبحانَ مَن .. كَالسِّرِّ .. في قَلبِ المُغَنِّي أودَعَكْ .
قُصِّي عليَّ حِكايةً تِلوَ الحِكايةِ
و افتحي دِيوانَ دَرويشَ
اقرئي ” لوركا “
و ” نازكَ “، و ” الشَّهاويَّ “
ارجعي بي ” لابنِ زيدونَ “
اعزفي ألحانَ ” قَيسٍ “
إنَّ أعذبَ ما سَمَعتُ و ما قَرَأتُ من القَصائدِ
كانَ ما يُتلى معكْ.
هذي صحيفةُ صَدريَ البيضاءِ مِن لألاءِ وجهكِ
فارسُمِي قلباً عليهِ حُروفُنا
و تَرَفَّقي
و تَأنَّقِي
فُرشَاتُكِ الزَّرقاءُ حِين تٌداعِبُ الأَوراقَ
تَعزفُ لَحنَ صبٍّ
صاح من أشواقَهُ :
ما أَبدَعَكْ .
إنَّ الذي جَعَلَ الجَمالَ سجيَّة في مُقلتيكِ
هو الذي زَرَعَ البَرَاءَةَ فِي رُباكِ
و بالفضيلةِ مَتَّعَكْ .
يا ربَّة النَّهرِ الذي شَقَّ الجَوانحَ
مُنذ آلافِ السنينَ
و صَبَّ في قلبِ المُغَنِّي أَريَهُ
باللهِ قولي :
أيُّ نَبعٍ في الجِنانِ غذا قديماً منبعَكْ .
و بأيِّ لونٍ كانَ للنَّسرين أن يَغترَّ
إن يوماً أَشَحتِ بوجِهِكِ القَمَريِّ عنهُ
و كانَ يَسكنُ أَضلُعَكْ .
و بأيِّ وجهٍ يَضحكُ التُّوليبُ
يبتسمُ القَرَنفلُ
إن بَكَت وَردَاتُ خَدِّكِ كلَّما ألقي الرَّحيلُ ظِلالَهُ
فوقَ المكانِ
فَلَم يُكَفكِف أَدمُعَكْ .
فنجانُ قهوتِنا يُخَيِّم فوقَهُ صَمتٌ
و رَنَّةُ هَاتِفِي المَحمُولِ تَقطَعُ ما تَبَقَّى مِن ثَوَانٍ
فَاترُكِينِي أطبعُ الحَرفَ الأخيرَ
على جَبِينِكِ
كي أَعُودَ فأقرأ الذِّكرى مَعَكْ .
14/4/2009 م
التعليقات مغلقة.