كامل “الجزء الأول” من “يوميات احتار دليلي”… بقلم سنية أبو النصر
كامل ” الجزء الأول” من” يوميات احتار دليلي”
بقلم سنية أبو النصر
كنت طفلا اتذكر لم اتجاوز العشرة أعوام من عمري ينادونني”كامل”… وما أنا بكامل… كان ذلك إحساسي بنفسي دائماً منذ الصغر … انتبهت لشئً غريب يحدث بداخلي في ذلك العمر … كالزلزال الذي يأتي غفلة
لا أعلم عواقبه… يضعني في حيرة بين الخوف والتردد…
يمنعني الخجل أن افصح به لأحد… فهو كامن داخلي يلاحقني كلما اقتربت إليهن…
احببت الجلوس واللعب بين الفتيات فهن الأقرب إلي… ولا أعلم ماالسبب … أشعر بالانحطاط والاعوجاج في طبيعتي … هل هذا طبيعي ام سوء تربية وأخلاق ملتوية؟!
لا أفهم.
يناديني أصدقائي بالخارج للعب بكرة القدم أمام المنزل…
فأرفض بشدة فليس بداخلي الرغبة في ذلك فلقد مللت من تلك اللعبة المجهدة… لم تستهوني ابدا …
ثم اتركهم واذهب الي بنات خالتي للعب معهم بالعرائس في بيت جدي… فلديهم بيت كبير للعروسة به غرف نوم وادوات المطبخ وسفرة وحمام يالها من لعبة تروق الي نفسي فلقد اتت بها جدتي من الإسكندرية العام الماضي…كان ذلك العالم الصغير لدمية بنت خالتي يجعلني استمتع أكثر باللهو واللعب حتي اكاد انسى نفسي
وإن رأتني أمي صدفة وهي تبحث عني تأتي غاضبة كالبركان الخامل تجز علي أنيابها غيظا مني وهي تنهرني وتلكمني بكتفي … كيف لك ان تلعب مع الفتيات… انت ولد …ماذا كنت تفعل معهم … سوف ابلغ أباك بالأمر
لم افهم قولها… وتبلغه بماذا… كنت فقط العب…
مرت الأعوام تلاحقني حيرة بدون دليل.. كيف ابلغ والدي بالأمر…وانا كاليويو المطاط لا يعرف له استقرار… حائر بين مخالطة الأولاد مجبرا وانا كاره… والميل للهو مع الفتيات وانا محب لقضاء الوقت معهن …
إن علم أبي بما يدور بخاطري ربما فضح سري امام العائلة فهو مندفع سريع القول بدون تمهل… سوف يقذفني بتهم انا منها برئ… لم يكن أمامي إلا الصمت وإخفاء رغباتي أمامهم… مرت الأعوام عام تلو الأخر… وانا شبه منعزل قضيت أيامي بالجامعة في وحدة لا اعلم من انا… لكن كان هناك جانب اخر مضئ في حياتي اليائسة
بنت خالتي( إيمان)…
التي تلاحقني بنظراتها واهتمام غير طبيعي… كانت بالنسبة لي كل شئ… فمعها أشعر بالأمان فهي صديقة عمري وأختي
اما شعورها تجاهي فقد كان مختلفا… تري في خجلي وحيائي وسيرتي الطيبة بين الفتيات والشباب… الراجل المحترم الذي لا ينظر الي الفتيات بنظرة الشباب الأخر فتراني مختلفا….مسكينة فهي لا تعلم مايدور داخل ذلك الجسد السجين بحكم عادات وتقاليد المجتمع القاهر للإنسانية …
حتي اختنقت وقررت أن اذهب الي الطبيب في الخفاء… لربما أرشدني الي الصواب قبل أن أجن… هل انا رجل كامل الهيئة…ام أنثي تختفي داخل جلدي تبحث عن منتفس للحياة …
من انا…
ولكن قبل ان اذهب الي الطبيب… اريد معي احدا يحمل عني ذلك السر ويرافقني هذا الطريق الصعب حتي اثبت هويتي… ففكرت ان ابلغ بنت خالتي بالأمر فهي الأقرب الي قلبي … ولكنني ترددت خجلا منها… كيف ابوح لها بسري وهي ترغب بالزواج مني…يالها من سخرية تجعلني اسخر من نفسي…
فذهبت الي أمي مطأطئ الرأس ابحث عن كلمة ابدأ بها حديثي معها وانا متوقع حرب سوف تضعني علي حافة الأنتحار كسابقي ممن تعرضوا لنفس مشكلتي … ولكنه الأمل…
اقتربت منها وقلت لها بإيجاز شديد… واقتضاب
أمي انا أشعر بأن داخلي أنثي… وأني لست برجل
ولم يكتمل حديثي معها حتى صارت كالمجنونه تلكمني بالضربات وتصرخ في وجهي….
كيف تنطق بها…
حاولت مجاهدا ان اشرح لها مشكلتي… فأغلقت كل الأبواب في وجهي… فدخل والدي وهي تعاركني… فاستقبلته بما بحت لها به…
همست في نفسي بغضب… لماذا فعلت هذا ياأمي هذا ليس وقته
فأمرها أبي أن تتركنا وتخرج…فخرجت…
وأستمع لكل معاناتي بإنصات.. هو ينحت الغضب وعدم الرضى علي وجه علمت قبل أن ينطق انه لا فائدة … ثم قال بانفعال غاضب
تعلم انك ولدي الوحيد وليس، لدي غيرك…والذي لا تعرفه… اني عانيت كثيرا حتي اتيت انت الي هذه الدنيا …
بل عانيت بتسميتي ابو البنات لأعوام كثيرة ذققت من خلالها مرارة الذل … وسخرية بعض ضعفاء النفوس…
وشماتة اخي وزوجته … وتربصهم لميراثي بعد موتي… لكوني رجلا مريضا
لن ادخلك في تفاصيل ربما لا تقدر مغزاها…ولكن ماسوف أقوله لك… وتنتبه له جيداً…
لن اقبل بأي حال من الأحوال غير انك رجل مكتمل الرجولة وإن اثبت لي عكس ذلك… افهمت… انت رجل … وكل مايدور في خاطرك مجرد اوهام ليس لها اي اساس من الصحة…
ولهذا سوف اعالج هواجسك بطريقتي الخاصة…
سوف اخطب لك بنت خالتك إيمان الأسبوع القادم وقبل ان يمر العام ستتزوج … وسوف تنجب وتحيي ذكراي بعد وفاتي لن اقبل ان تدمر احلامي وتخسف برأسي ارضا امام اخي… افهمت
كان ذلك رد والدي القاسي
يراعي اقاويل الناس ومايدور في رأس زوجة عمي… ولا يفكر ولو للحظة في معاناتي انا… اشعر انه لم يصدقني من الأساس …
لم استطيع مجادلته كثيراً فكان يحدثني بمرارة وألم … اتألم من أجلك ياابي… ولكن ماذا افعل في قدري …
وافقت على خطبة بنت خالتي مضطرا … حتي ابحث عن ذاتي في هدوء
ذهبت الي الطبيب في الخفاء وقصصت عليه قصتي…
ففتح لي بريقا من الأمل وقال
بالتحاليل والأشعات سوف يظهر كل شئ… ومن المحتمل ان يكون ذلك خلل في هرمونات الذكورة ومع بعض العلاج يتصلح كل شئ وتعيش حياتك كرجل مكتمل الهيئة والرجولة…
وإنلا قدر اللهاكتشفنا ان الأمر غير ذلك وان بداخلك انثي مكتملة الأنوثة فلابد من التصحيح لتخرج للحياة وتصبح كامل…كاملة…
برغم صراحته في الحديث الا انني شعرت بالراحة… ان هناك شخصا يساندني بقوة…
وتركته… بعد الأشعة والتحاليل علي انني سوف اعود في وقت اخر لمعرفة النتيجة…
ونفذت رغبات والدي وتمت الخطبة بإيمان لهدف ما برأسي… وهلل الجميع وفرحت العائلة بأبنهم الوحيد المدلل… وهم يتباهون بولدهم امام عمي وزوجته… بكلمات خفية …
ياله ياوالدي من أمر مضحك… اتمني ان تدوم فرحتك… ولا يخيب ظنك بي
في الجانب الأخر… كان هناك امر اخر مذهل … رأيت التودد والحب من عروس المستقبل وكأنها فازت بسبع الرجال… تتمايل علي كتفي بحنان وتعانق ذراعي برومانسية الحبيبة … تنظر إلي بدلال وترميني بجمل الحب الملتهبة… تبوح باشتياقها وتنتظر رد فعلي…
ولكنني.. لم اشعر بها مطلقا ولم تحرك في ساكنا…
التعليقات مغلقة.