كلمة ” بعض ” بين التعريف و التنكير … بقلم د. وجيهة السطل

كلمة ” بعض ” بين التعريف و التنكير … بقلم د. وجيهة السطل

س: كلمة بعض.ما معناها؟، هل تُعرَّف بأل؟، متى تضاف؟، ومتى نقول بعضهم بعضا؟، أو بعضهم على بعض وبعضهم إلى بعض.

ج : كلمة بعض تعني الجزء الحقيقي من الشيء المادي.
بعض الأشجار تفتحت أزهارها، وبعضها لمّا يزهر بعد. زرت الحضانة، فكان بعض الأطفال يبكون، وبعضهم يلعبون.
ويجوز إفراد الفعل معها: يبكي، يلعب.
كانت الأمطار غزيرة،فبعض السيارات تعطلت، وبعضها الآخر صمد لغزارة المياه.
كل هذه أمثلة تؤكد دلالة الجزء الحقيقي،لكلمة بعض. ويمثل مجموعة مجتزأة من كلٍّ متجانس. وقد وردت كلمة (بعض) تؤكد هذا المدلول ، في مواضع كثيرة في القرآن الكريم.من ذلك قوله تعالى: { …….وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} … (البقرة ١٤٥)

{.. لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض }المائدة:٥١
{ويذيق بعضكم بأس بعضكم بأس بعض}الأنعام:٦٥
{وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون} الأنعام: ١٢٩
{.. واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} …الأنفال: ٧٥
فإذا كان الحديث أو الحكم بين اثنين فلا يجوز استخدام بعض. . فلا يصح مثلًا أن نقول:
لن يستطيع أحد أن يبعدنا عن بعضنا.
أو لا بدَّ أن نرى بعضنا.
وإنما نقول:لن يستطيع أحد أن يبعد أحدنا عن الآخر. ولا بد أن يرى أحدُنا الآخر.
لأنه ليس في الأمر جزء حقيقي من مجموعة متماثلة.
وحتى لو وردت الأشياء في عبارات أدبية مجازية،فلا يصح القول: تداخلت مفرداتنا، و شكلت ألوانًا تعبيرية اختلطت ببعضها. وإنما اختلط بعضها ببعض، لأنها تمثل فصيلين مختلفين.
ومن ذلك قوله تعالى:
{ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} … الإسراء: ٥٥
{وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} الكهف :٩٩
{ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات }الزخرف :٣٢
{ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} آل عمران :٣٤

كثيرا ما ترد هذه الكلمة في الاستعمال العام مُعرّفة بأل التعريف، والأصح أن هذه اللفظة (بعض) معرفة بمعناها ، لأنها كما يقول أهل اللغة في نيّة الإضافة. وفي هذا الصدد يقول الجوهري في الصحاح: (كلّ وبعض معرفتان. ولم يجىء عن العرب بالألف واللام وهو جائز، إلا أن فيهما معنى الإضافة أضفت أو لم تضف)
فالجوهري يقرّ بأن بعض لم تجىء عن العرب بالألف واللام.ولكنه يجيزه.
ومن الخطأ القول:
يتعرف الناس على بعضهم البعض، أو يتعرف بعض الناس إلى بعضهم. أو “يتعرف الناس بعضُهم على بعض” والصواب قول: “يتعرف بعض الناس إلى بعض”

وليس صوابًا أن نقول: يتعرف الناس بعضُهم إلى بعض”.لأن بعض الأولى هنا بدل جزء من كل، وهي مرفوعة ولا بعضهم على بعضهم. لأن المعنى تعرف الأجزاء على الأجزاء . ولكن الصواب:يتعرف بعض الناس على بعض.

وخطأ أن نقول: “يلعب الأطفال مع بعضهم
البعض” والصواب القول: “يلعب الأطفال بعضهم مع بعضهم” أو “يلعب بعض الأطفال مع بعض”. نقول: انتقم بعضهم من بعض.
فإذا كان الحكم أو الحدث الذي يدل عليه الفعل يتطلب المشاركة بين الفصيلين، أو القسمين المجتزأين من مجموعة متماثلة.فعدئذ لابد من ان يذكر الجزءان أحدهما في مواجهة الآخر.

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُون}
سورة القلم: (٣٠) . ….

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٧٦)البقرة

{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ..} ۚ
البقرة من الآية (٣٥٢)

{وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} الأنعام:٥٣

{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }(٨٨) الإسراء

{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ۗ}
البقرة( ٢٨)

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} الصافات(٥٠)

ويتضح من هذا خطأ قولنا: تخاصموا مع بعضهم. و: سلمنا على بعضنا. بل سلم بعضنا على
بعض. تحياتي للجميع.
وليتكم تشاركونني بذكر آية قرآنية تحمل التطبيق على ذلك.