موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

كونشرتو الجغرافيا والتاريخ

301

كونشرتو الجغرافيا والتاريخ

د.أحمد دبيان

الكونشرتو ،

ذلك التعبير الموسيقى من الفعل اللاتيني كونسرتارى بمعنى يتبارى، هو فى ابسط تعريفاته مباراة او حوار بين آلة وأوركسترا ، يقوم فيها العازف الماهر ( الفرتيوزو ) بهذه المباراة او هذا الحوار ،

هناك حوار فعلى ما بين التاريخ والجغرافيا ومباراة يشكل فيها كل منهما الآخر .

وكما قال الدكتور جمال حمدان؛ أن التاريخ ظل الانسان على الأرض بمثل ما أن الجغرافيا ظل الأرض على الزمان ، فان التاريخ هو سباحة الانسان وسط بحار الجغرافيا ، والجغرافيا السياسية هى نحت الانسان بأزميله على ملامح الأرض .

نظريات الجغرافيا كثيرة وترسم ظلالها الكثيفة على السياسة والحركة والفعل ،

الجيو بوليتيكس

Geopolitics

او الجغرافيا السياسية ،
، هو نحت السياسة المتأثر بالجغرافيا والمحدد لتمددها وانكماشها .

كثيرة هى نظريات الجغرافيا السياسية كما قلنا

ولكن أهمها والتى شكلت جزءا ،كبيراً من رؤى القرن العشرين السياسية هى ورقة بحثية قدمها الجغرافى البريطاني هالفورد ماكيندر عام ١٩٠٤،
لقد تميز ماكيندر في طريقة تحليله الجيوبوليتيكي، الذي هو في حقيقته تحليل جيواستراتيجي، باهتمامه بالأقاليم وتحليل عناصره، ونظرته للمشاكل الجغرافية على نطاق عالمي، الأمر الذي جعل من النتائج التي توصل إليها تتمتع بخاصة إستراتيجية، لذا يمكن أن نقول أن ماكيندر بدأ بداية جيوبوليتيكية وانتهى بنتائج جيواستراتيجية.
ويبدأ تحليل ماكيندر عندما يقسم –في نظريته- العالم الذي يجمع ما بين اليابسة والماء إلى ثلاث مناطق: منطقة القلب، منطقة الهلال الداخلي، ومنطقة الهلال الخارجي.

ولاحظ أن الجزيرة العالمية، -وهي تلك الحلقة المتصلة من اليابس وهي أوروبا، آسيا، إفريقيا-، تكون ثلثي مساحة اليابس كلية، وأن الكتل اليابسة الأخرى تكون الثلث الباقي وتحيط بالجزيرة العالمية متمثلة في أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا، بينما تمثل البحار والمحيطات ثلاث أرباع العالم، وتكون كتلة مائية متصلة أطلق عليها المحيط العالمي،

World Ocean.

وبهذا لخص ماكيندر نظريته في الثلاثيات الآتية:

  • من يتحكم في شرق أوروبا يسيطر على قلب الجزيرة العالمية “الهارتلاند”.
  • ومن يتحكم في منطقة القلب يسيطر على الجزيرة العالمية.
  • ومن يتحكم في الجزيرة
    العالمية يسيطر على العالم.
  • Who rules east Europe, Commands the Heartland.
  • Who rules the heartland, Commands the Island.
  • Who rules the Island, Commands the World

عدّل هالفورد جون ماكندر نظريته في عام 1943،

حيث اتسع مفهوم قلب العالم، ليصير هناك قلبان شمالي الذي تحدث عنه في نظريته السابقة، والقلب الجنوبي، وما يربط بين القلبين هي المنطقة العربية، حيث تصور منطقة ارتكاز أخرى ولو أنها حسب رأيه أقل أهمية من سابقتها وسماها القلب الجنوبي وتتكون من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فمياه هذا القلب تفيض من الهضاب الداخلية إلى كل من النيجر والكونغو والزمبيزي والأولانج واللمبوبو، وتصلح الأجزاء العليا لهذه الأنهار كلها للملاحة إلى مسافات طويلة، وثمة وجه شبه بين منطقتي القلب الشمالية والجنوبية ذلك أن كلاً منهما يوجد بها غابات وحشائش كثيرة، يتصل القلبان الشمالي والجنوبي ببعضهما البعض عن طريق جسر هو المنطقة العربية، التي تمتد من نهر النيل غرباً إلى ما وراء نهر الفرات شرقاً، ومن سفوح جبال طوروس شمالاً حتى خليج عدن جنوباً، وتمتاز هذه المنطقة بوجود طرق مائية وهي نهر النيل والبحر الأحمر، كذلك نهر الفرات والخليج العربي، كما تشكل المنطقة العربية طريقاً برياً بين القلب الشمالي والقلب الجنوبي.

تأثرت كل قوى التمدد بنظرية ماكيندر والتى هاجمها الجميع فى البداية ،

تأثر بها هتلر وحاول تنفيذها بغزوه لروسيا ،
وشكلت نظرية هالفورد جون ماكندر البوصلة بالنسبة للسياسات الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى التي انتهت في عام 1918، وللاستراتيجية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت في عام 1945.

ربما تفسر نظرية ماكيندر جوهر الصراع منذ منتصف القرن العشرين ومعارك التحرر فى الخمسينات والستينات والحرب الباردة والذى حاولت فيه القوتان الحصول على محاور ارتكاز فى القلب الافريقى والمعبر العربى المؤدى اليه ،والتى نجحت فيها الولايات المتحدة فى حسم معركتها مؤقتاً
مع الاتحاد السوفيتى

وربما تفسر الصراع الحالى والقائم منذ ٢٠٠٣ وبزوغ الصين وروسيا مرة اخرى كقوى تمدد اقتصادى وعسكري وربما ألقى هذا بظلاله على محاولة احياء طريق الحرير وصراع القوى التى تحاول إيجاد نقاط ارتكاز ومكاسب على الارض باستخدام كل الأوراق التبادلية ،

وظف الغرب عملائه من المتأسلمين واليمين الليبرالي لمحاولة كبح جماح التمدد الصينى والروسى فكان الصراع الممتد فى منطقتنا العربية والذى استغل فيه سياسات الافقار التى صنعها بانظمة كانت بوصلتها موجهة نحوه منذ نوفمبر ١٩٧٣ وحققت له السيطرة على القلب الجنوبي بعمليات نادى السفارى المشبوهه ، ولكنه وبلعبته التبادلية الراسخة كان البديل لدية قوى التأسلم السياسى التى يملك ملفات كثيرة للتحكم فيها ،

فكانت حراكات ما اصطلح على تسميته بالربيع العربى ، وصعود الاخوان فى مصر ، والحرب البربرية على سوريا باسم الثورة ، وتمزيق ليبيا ومن قبلها العراق .

ويمكن تفسير الحروب الممتدة حتى الْيَوْمَ والتى تخوضها مصر وسوريا ،ومحاور قوى التمدد سواء روسيا او الصين مع قوى الارتكاز الطامحة

ايران،

ومحاولة تركيا البحث عن دور يقلص طموحات مصر والشام المكتسبة بحكم الجغرافيا والتاريخ .

التعليقات مغلقة.