لا تُحطم معبدي..
بقلم محمد أحمد محمود
كلما مرت الأيام، أشعرُ وكأنها تُباعد بيني وبين بعضي.
كأني أخسر الحياة جزءً جزءً
كأن رزقي من الأشياء ينقصُ رويداً رويداً.
ومع هذا ما أزال متمسكاً بالطفلِ الذي بداخلي، و رغم إحساسي بخوفه الذي يُبدو واضحاً في ملامحي أستحلفه يومياً بربِ الكافِ والنون أن يهدأ، لكوني في حاجة إليه.
قلتُ له دعنا نتوكأُ على بعضنا البعض، فبعضي بحاجة لجرأتك وصوت ضحكتك ونبضة قلبك التي كانت تسبقُ عقلي، فتضعه أمام أمرٍ واقعٍ، وحلم الغد الذي كان دائماً ما يلمع في مُقلتيك.
أتذكرُ حينما كنا نَفترشُ الأرضَ ونلتحفُ السماءَ.
أتذكرُ حينما كنا نمتلكُ جَنباتِ العالمِ، فقطْ كنا نجلسُ سوياً أنا وأنت ورقعة الورقِ وقلم صغير كان سعيداً بحروفهِ، وراديو ترانزستور نفتحه في الخامسة على صوت أمِ كلثوم، فتشدو وتشدو وترسم لنا ملامح الحبِ في كل مرة بطريقة مختلفة.
أتذكر سيجارتي وكوب الشاي وعفريت صغير كان يصنع لنا ما شئنا بما شاء في ركنٍ من أركانِ الكونِ ملَّكنَا إياه دون ثمنٍ، اللهُم إلا أن يَبقى معنا.
مَلكْنا العالم يا صغيري بدَقةِ قلبك الرقيق وحرفٍ بكرٍ وورقةٍ بيضاءَ خالية من أي شخبطات، وعفريت كان يهوي حَلقات الدُخان فيَرسمُ لنا أم كلثوم تارهً وتارةً أُخرى بعضاً من ملامح فتاةٍ رقيقةٍ كنا نَستبقُ إليها أنا وأنت، فَيضْحكُ العفريتُ.
الآن تريد أن تتركني وماذا سأفعل أنا بعقلٍ ناضجٍ مُتأنٍ، وقلبٍ موجوعٍ من حاضرٍ بَاتَ ثقيلاً بما فيه، وعفريتٍ أخذ بعض ملامحي.
عفريتُ أصرخُ فيه فلا يسمع وإن سمعني آتاني بخطواتٍ أَثْقلتها السنين العِجافَ.
خلاصة الأمر لمْ يَعُدْ بَاقياً لي ولا لعفريتي إلا إياكَ أنت أيها الصغير فتَرفق ولا تُحطم معبدي.
التعليقات مغلقة.