لحظات هروب .بقلم.عفاف على
حملت حقيبتي، وضعتها فوق السرير، وأخذت أتناول ملابسي قطعة قطعة وأضعها بداخل الحقيبة بهدوء.
جاءت على غفلة مني، ونظرت إليّ وهي تردد:
ماذا تفعلين عزيزتي؟.
بصوت عال:
أريد الهروب من هنا، أريد الفرار من هذا الجحيم.
هزت رأسها بشدة، كأنها موافقة على تلك الفكرة، وأخذت تجمع معي ملابسي، وتهذب الحقيبة، وضعت مرآتي وعطري، وبعض الدهانات التجميلية.
حضنتني بقوة، ثم قالت:
هيا عزيزتي أهربي من سجنك القاتل.
حملت حقيبتي، وهبطت الدرج مسرعة للأسفل، وفتحت الباب بهدوء حتى لا يستيقظ أحد ويمنعني.
وجدت أمام الباب سائق السيارة ينتظرني، ويلوح لي:
هيا تعالي عزيزتي.
هياااا.
ارتجف قلبي بداخلي، اهتزت ضلوعي من الخوف، كيف عرف أنني سأهرب من هنا؟.
نظرتُ له بغضب؛ لكنه لم يبال.
قررتُ التحدث معه؛ لكنه لم يجبني.
شيء غامض يحدث لي، ربما قرر هذا الرجل قتلي وسرقة ما بحوزتي؛ لكنني لا أمتلك شيئًا، حتى أنني لا أمتلك أجرته معي، بعد ساعات من التفكير لم أتوصل لشيء.
وقف وسط طريق مهجور، بالقرب من بيت قديم ومتهالك، وطلب مني أن أحمل حقيبتي وأرحل.
ظننت أنه قرر التخلص من صمتي، ربما يبحث عن فتاة جميلة تتسامر معه، تطعمه كلامًا معسولًا.
حملت حقيبتي، ورحلت مسرعة قبل أن يقتلني، فعلى وجهه علامات الشقاء.
طرقت باب البيت، فخرجت لي عجوز مبتسمة، لا أعرفها، لكنني أعرف رائحتها، أشعر بالأمن في حضنها، أجد نفسي احتضنها بقوة، السلام يعيش معها.
مكثت في حضنها ساعات كثيرة، حتى شعرت بالنوم؛ فأغلقت عيني؛ لكي أهرب من مرارة ما حدث لي.
حلمتُ بأزهار وحدائق وعصافير ويمام، شممت رائحة العطر والمسك والريحان.
هذا البيت القديم المتهالك صورته في عقلي منذ نشأتي، هنا ترعرعت، وكبرت، وعشت حياتي، وهناك في بيتهم الجديد تكمن مأساتي.
سمعت همساتها تردد:
هل عدتِ لي هاربة منهم مثل كل مرة يا صغيرتي؟.
-نعم :
عدت هاربة إليك يا أمي.
في الصباح سمعت صوت رجل، يخبر أحدهم: أنه وجدني بجوار قبرها، وبحوزتي حقيبة.
التعليقات مغلقة.