لغــــــــــة الصمت بقلم: حاتم السيد مصيلحي
من الغرابة بمكان أن يكون الصمت لغة؛ لأنها مفتقدة للحروف أو الرموز أو الجمل المعتادة في اللغات الحية المتحدث بها، وإن كانت لا تفتقد الحس اللغوي غير المنطوق يعضدها في ذلك تعبيرات الوجه وانقباضاته، ونظرات العين وانكساراتها، وتقطيب الجبين وانبساطه، وزم الشفتين أو انفراجهما عن ابتسامة أو …. الخ وهو مايسمونه بلغة الجسد. وقد تكون لغة الصمت أبلغ من لغة الكلام حين تفقد معناها وجدواها، وفيها مجاهدة للنفس، وكتمان مايحيك في الصدر من ألم أو حسرة أو غيظ، كما فيها حفظ للسان من الوقوع في الخطأ، ووصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ” أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك” اتقاء للفتن وشرورها.. وجعلها شرطا من شروط الإيمان في قوله:« من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت».
وجعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذن البكر في زواجها، حيث قال: “البكر تستأمر وإذنها صماتها….”
وقد جعلها البعض ضمن الرياضات المحببة للنفس كـ ( اليوجا) مثلا، وجعلها البعض الآخر مرتقى للقرب إلى الله ومنسكا، كقوله تعالى لمريم : {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [مريم : 26].
فليتنا نتخذ من الصمت لغة تصفو به نفوسنا، ونكظم به غيظنا، وتزدان به أخلاقنا، وقربة إلى ربنا،نتخفف به من أوزارنا، ونمحو به سيئاتنا.
التعليقات مغلقة.