لقاء من نوع آخر
عبد الصاحب إبراهيم أميري
خاصم سعيد الرجل المرح الحياة بين ليلة وضحاها، ، واكتفى بالجلوس في المقهى وفي الصف الأول، المقابل للشارع، لا يحدث أحدا ولا يرد السلام على اي كان
ينشغل ساعات النهار بتفحص وجوه المارة، دون كلل، وبالاخص الشباب الذين يمرون من امام المقهى، وكأنه، يبحث عن ضائع،
واذا ما ارد أن ينطق يسأل عن الساعة
-ساعة بيش
اعتاد على هذه العادة سنوات عدة، حتى اعتاد عليه رواد المقهى، وإذا ما تأخر عن المجي، يسالون عن سبب تأخيره،
-وين صار الحجي ابو ساعة بيش
نعم أصبح هذا اسمه الجديد، والمتداول بين رواد المقهى،
-ساعة بيش
اذان المسجد المقابل للمقهى لصلاة المغرب، هي ساعة انتهاء دوامه، يترك المقهى دون أن يودع او ينظر للخلف، متجها للمسجد، ليصلي الفريضة. ومنها إلى البيت،
وكلما يغلب يستقر الليل، سؤاله عن الساعة لن ينقطع
-“ساعة بيش
،،،،،،،،،
ما أن يضع اقدامه في بيته الصغير الذي لا تزيد مساحته عن ثلاثين مترا، يتجه صوب صورة ابنه الوحيد، يتاملها صامتا وهو ينشد، انشودة الأحزان، يخبره عن الساعة
-ابني الساعة الثامنة بالليل
يرفع يده عاليا ويمسح الصورة بحنان، وكأنه يمسح على رأس ابنه بيد، ويمسح بيده الأخرى دموعه الصامتة
اعتاد على هذه الحالة، منذ أن ترك ابنه الدنيا قبل عامين في جبهات القتال
يحدثه عن الماضي والحاضر والمستقبل الذي تلاشى
-انا بقيت وحدي
ينظر للصورة مجددا، قبل أن يناَم، ويخبره عن الساعة
-ساعة عشرة بالليل
يلقى بجسده المتعب على السرير، ومازالت نظراته العاشقة،. ملتصقة بحبيب العمر،
يضغط على زر المصباح، فيخيم الظلام على المكان
يتقلب يمينا وشمالا يريد أن يصرع النوم دون جدوى
يجلس في فراشه، ويلقي نظرة صوب الصورة، يشعر لحظة وكأنها تحدثه
-لم لم تنم يا أبي
-أصابني الأرق
-حاول أن تنام
-سانام، بعد أن سمعت صوتك,
- ساعة بيش
-الثالثة صباحا
النهاية
2020
التعليقات مغلقة.