لماذا الغش والفساد ؟
بقلم / محمــــد الدكــــــرورى
لقد خلق الله عز وجل الإنسان وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعا ، ليقتدر بذلك على أداء رسالة الاستخلاف في الأرض ، وشرع له الدين سموا به إلي معارج الكمال ، وحميد الخصال ، ولينهض به الي اكتساب السمات الفاضلة للشخصية المتكاملة بأن يكون صاحب عقيدة سليمة ، وعبادة صحيحة ، وأخلاق وسلوك راقية ، حتي يستطيع أن ينهض بالمجتمع ، ويكون مجتمعا راقيا ،لا يكون فيه غش ولا خيانة ولا تدليس ولا أنانية ، ويكون متماسكا متحابا يقوم علي الصدق والأمانة ، لذلك حرم الإسلام الغش والتدليس علي الناس وذلك لما فيهما من ضرر عظيم علي الفرد والمجتمع .
ولقد حذر القرآن الكريم، وحذر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من كل الصفات التي تنافي جمال الظاهر والباطن، وتخالف صدق المظهر والمخبر، وتتنافى مع صفاء، الدين ووضوح الشرع، ونصاعة المنهج ، ومن أسوأ الصفات التي نهى عنها الإسلام، وحذَّر منها الدين ، الغش.
إن الغش من كبائر الذنوب، وعظائم المعاصي، وفظائع الخطايا، يدل على خبث النفس، وظلمة القلب، وسواد الفؤاد، وقلة الدين .
الغش كلمة مأخوذة من الغشش، وهو المشرب الكدر، وللكلمة معان عدة متقاربة، فالغش بمعنى عدم النصح، وبمعنى الغل والحقد، وبمعنى ما يخلط من الرديء بالجيد، وبمعنى سواد القلب وعبوس الوجه.
ومفهوم الغش مفهوم واسع، فهو ليس فقط في البيع والشراء، بل هو أشمل من ذلك وأعم، فكل ما لم يصدق فيه المرء من نية أو قول أو عمل فهو غش؛ والغش بكل أنواعه، وجميع أقسامه، يشمله حديث من جوامع كلمه النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وهو قوله: ” من غش فليس منا” فهذا تبرؤ من الغاش، وتنكر للخائن، وثورة في وجه المخادع.
إن الغش يجمع أسوأ الصفات، وأقبح المعاصي، فهو يجمع الكذب والبتهان، والزور، والخداع، والمكر، والاحتيال، والنصب، وخيانة الأمة، والتغرير، وأكل المال بالباطل، وعدم الرضا بقدر الله، وما قسم من الرزق إلى غير ذلك، من ذميم الأخلاق، وسيئ الخصال، فهو ظلمات بعضها فوق بعض .
ومن غشّ المسلم للمسلم أن يُزين له الباطل ويُعزز له المعاصي والخطايا والسيئات، أو يحثّه ويحرضه في المذاهب الضالة والآراء الشاذة والمذاهب الضالة التي هي على خلاف طريق الإسلام وهديه، فأعظم الغش من يغشُون شبابهم ويزين لهم الباطل ويُحسِن الخطايا والسوء ويدعوهم للخروج مع الفئات الضالة لا يعلمون حقيقة أمرهم .
فأعظم الغش: الغش الفكري، ومن أعظم الغش الفكري الدعوة إلى اعتناق هذه المذاهب الباطلة والآراء الضالة التي يزينها أهل الباطل ويحسنوها .
الغش يؤدي بصاحبه إلي ضعف الإيمان مما يجعل الإنسان بعيدا عن الله تعالي وعن رحمة الله عز وجل لأنه تهاون بنظر الله إليه ، وبعيدا عن الناس لأنه أصبح دنئ النفس خبيث فيورد نفسه مورد الهلاك والعطب ، ويكون مصيره النار والعياذ بالله بعد براءة الناس صلي الله عليه وسلم منه لقوله صلي الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا ) لأنه ارتكب كبيرة من الكبائر المحرمة الموجبة للنار.
فيجب أن نعلم أن نهضة الأمم والشعوب، تتوقف علي قوتها في إيمانها وفي عملها وفي إنتاجها، وفي إتقانها للعمل، والإخلاص فيه، ومراقبة الله تعالي والالتزام بهدي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم والسير علي نهج السلف الصالح ، ونبذ كل الخصال الذميمة من غش وتدليس وكذب وافتراء وخداع ومكر وغير ذلك .
فاللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن واهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت، اللهم أصلح فساد قلوبِنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا وارحم ضعفنا وحسن أخلاقنا. اللهم آمين .
التعليقات مغلقة.