لماذا بسن القلم حسين الجندي
لماذا بسن القلم حسين الجندي
لم تكن والدة صديقه تحب أحدا مثلما أحبَّتْه…
عمرها يفوق عُمْر والدته بعشر سنوات…
في حوالي الستين من عمرها…
امرأة صبور حمول تمتلك أمراضا لو وُزِّعت على نساء العالمين لأخضعتهن جميعا…
وبرغم ذلك دائما يعلو وجهها الوضيء نور الإيمان والأمل في عفو الرحمن…
رغم ضيق حالتها المادية إلا أنها دائما تُمَيِّزه عن غيره بكرم الضيافة الزائد…
لم تشتكِ لأحدٍ همومها مثلما اشتكت إليه…
فعرف منها عنها ما لم يعرفه أحد سواه!
مرضت ولازمت المستشفى أكثر من ثلاثين يوما ولم يمر يوم إلا وزارها…
عندما يزورها ابنها تقتضب في حديثها وكأن غريبا حضر…
مرت الأيام والأسابيع بعد الشفاء…
ولم تنقطع زياراته لها…
شعر وكأن الله رزقه بأُمَّيْن…
لم يعكر صفو هذه العلاقة السامية شيء…
حتى ذاك المساء…
ذهب ليطمئن على صحتها فأصرَّت أن يدخل ليتناول كوبا من الشاي بالنعناع الذي يفضله…
دخل ويا ليته مادخل!!!
لم يكمل احتساء ربع كوبه حتى دخل صديقه مقتحما الحجرة وعيناه حمراوان وأوداجه منتفخة والغضب يَتَمَلَّكَه وصرخ فيه بأعلى صوته طالبا منه الخروج من البيت فورا!!!
حاول جاهدا بعد أن تخلَّص من الصدمة أن يستبين سبب الطرد بهذه الصورة المفاجئة المهينة فلم يُمْهِلْه…
بل دفعه بكل قوة إلى الخارج!
أُسْقِط في يديه!!!
عاد إلى منزله لا يلوي على شيء…
وقد أُصيب بالخرس النفسي…
لا يتكلم!
فقط يزوم!
لم يعرف الأطباء سببا لحالته!
أَعْطَوه ورقا وقلما ليكتب سبب ما أصابه …
لكنه رفض رفضا باتا أن يذكر ما حدث في تلك الليلة…
أما والدة صديقه فقد عرفت بالخبر فأرادت الذهاب إليه للاطمئنان عليه
فمنعها ابنها منعا تاما…
توسلت إليه!
فازداد عنادا!
أمسكت قلبها!
ووقعت ميتة!!!
علم هو بالخبر…
صرخ بأعلى صوته :
وا أماه!!!
ثم انتحب بشدة حتى انفطر قلبه!
مرت أيام العزاء…
ذهب إليه عندما علم أنه بالبيت منفردا…
سأله:
لماذا؟!!!!
نظر إليه نظرةً كلها حقد ثم فتح الباب ودفعه خارح البيت للمرة الثانية…
نكَّس رأسه قهرا ولم يغالب دموعه فانفجرت أنهارا…
قادته قدماه إلى قبرها!
ظل يبكي ويبكي حتى النشيج…
ثم لحق بها!!!
التعليقات مغلقة.