موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ليس حلما… رضا يونس

215

ليس حلما ….قصة قصيرة

رضا يونس


رأيته كائنا من كوكب لا أعرفه، ولم أقرأ عنه قبلاً ..يحمل ثلاث وردات حمراوات طازجات، يبدو أنه قطفهن من حديقة المستشفى ساعة عناق الندى لوجوههن المتفتحات ..فقد أيقظهن فجر الخميس ..
نعم نعم.. رجل مصري يعيش على أرض كوكبنا البائس الخالي من الرجولة إلا قليلا..ربما أصابتني الدهشة، كما هي الآن ترتسم على وجوهكن، والسخرية على وجوهكم..
عايشت ما يشبه المعجزة في زمن المادة والجفاف..ظل الرجل وهو من الطبقة الدنيا، لكنني رأيته ملكها ..ظل طوال الليل يجوب الطرقة المؤدية إلى حجرة العمليات ذهابا وجيئة، ربما ألف مرة ..
استقبلني عقب خروجي من الحجرة، متوسلا أن يعبر حدود التعقيم ؛ ليكون إلى جانب زوجه..
بحسم رفضت ذلك فما زالت الزوج في مرحلة خروج المخدر..كما أخبرته أن بغرفة الإفاقة أخريات غيرها .. لكنه لم ييأس ..ظل يرجوني ..يتوسل حتى كاد أن يقبّل حذائي، ثم يذهب للغرفة؛ لينظر من ثقب بابها المصمت؛ لعله يرى شعاع فجرها، فيهدأُ ويستكين..ثم يعود هرولة؛ ليستفسر مني عن حالتها..فأطمئنه أن قرَّ عينا ..
كبندول ساعة لايهدأ, يذهب تارة عند باب غرفة الإفاقة، يشهق كمن يستجلب رائحتها، فتراه وقد انتفخ صدره، وارتسمت ابتسامة على محياه، ثم تارة يعود إليّ من جديد ..يسألني هل تألمت أثناء الجراحة؟ هل تتوجع الآن؟ أحاول أن أجيبه فيسبقني بسؤال جديد: متى يخرج المخدر كاملا؟ هل ذكرت اسمي؟ استحلفك بالله يا دكتورة : هل ذكرتني بسوء؟ والله لم أكن أقصد أن أجادلها وأرفع صوتي في حضرتها؟ أستحلفك بالله يا دكتورة، كم مرة قالت آه؟
أبتسمُ مندهشة، متسائلة ألم ينقرض هذا الصنف بعد؟!
يأتيني صدى الجواب بلا جواب..
حقا جذبني اهتمام الرجل بقرينته، وهذا الحب المتدفق كفيضان نهر أغرق جنادله،وفاض على شاطئيه..والأعحب من ذلك، أنه لم يخجل من إظهار هذا الحب، بل العشق الذي أغرقه من أخمص قدميه حتى عُرْفِهِ.
نعم لم يخجل أمامنا وهو يكرر: بحبها ياكتورة بحبها والله العظيم بحبها قوي، متبعا حبه برعد بكائه يتلوه برق جفنيه، ثم قطرات ساخنات من غمامة قلقه ..
وجدت نفسي أسأله: كم سنة مرت على زواجكما؟
وكانت الإجابة صادمة لي وليس له: ١٩ سنة يا دكتورة..
تسعة عشر عاما ومازال شباب نهره يفيض، لم يصبه جفاف بعد؟َ!
تسعة عشر عاما ومازال شلاله عفيا فتيا؟!
أيعقل أن يكون هذا الكائن من كوكبنا؟! أيعقل أن يكون هذا الغريب مصريا؟!
توسل إليَّ مجددا أن أتقمص دور رسول الحب، فقبلت مُرحبةً بتجربتي النادرة..حملت رسالته المكونة من عشرين كلمة، وما كانت سوى أربعة حروف تتكرر عشرين مرة،، أحبك..أحبك..أحبك…..،…..،…………………………
ابتسمت الزوجُ، كما لو أنها صحراء قد تشققت دروبها، وفتحت فاها؛ لتبتلع هذه القطرات التي هطلت عليها فأحيت مواتها، ثم اهتزت وربت وأنبتت من كل عشق بهيج..
يا الله!!
نظرت إلي باستعطاف، يماثل توسله : أرجوكي يا دكتورة متقوليش له إني بتألم..
كانت تعلم مدى تأثره بوجعها ..يقينا سيمرض بمقدار يجاوز ألمها..قالت : اكذبي عليه وانا هشيل ذمبك ..
يا له من كذب حلو المذاق!! لتمنيت على الذكور، أن يرتجلوا، فيكذبوا ويكذبوا،ثم يكذبوا حتى يغرقوا زوجاتهم كذبا حلو المذاق..
لأول مرة تمر ساعات النوبتجية علىَّ سريعا على غير عادتها، لتمنيت أن تتكاسل العقارب عن سعيها..
صباح اليوم التالي، أفاقت الزوج، فسمحت له بالدخول.. قفز كطفل، محلقا كفرخ يتعلم التحليق للمرة الأولى، يسقط فيقوم،فيتزحلق، لينهض حتى حملته ريح الأماني إلى أمانها..
أغمض عينيه، ومن ثم تحدث إليها تخنقه العبرات التي هزمت أجفانه ففرقت بينهما؛ ليفيض دمعه خوفا وطمعا، وهي تهدهده كرضيع أجهش بفقدها، يوما كاملا..بعد دقائق هدأت حدقاته الممطرة عن دمعها الحاني..
طلبتُ من أختها أن تساعدها في النهوض؛ لتتمشى إلى آخر الطرقة ثم تعود، فأبى إلا أن يكون هو قائلا: أنا مسمارها وفسطاطها، استندى إلى كتفي..ناظرا إليَّ مستفسرا: هوًا ينفع أأكلها هريسه يا دكتورة؟
فضحكت متسائلة: ولمَ الهريسة بالذات يا دنجوان العصر؟
قال: لسببين، أولا هي بتموت في الهريسة، ..ثانيا عشان الهريسة هتغير طعم البنج في بقها…
وخلال أربع دقائق هبط السلم ثم صعده كلمح بالبصرة، يحمل بين يديه طبقين كبيرين، فتح أحدهما وأطعمها بيديه، وبعد أن شبعت، أفاق قائلا: نسيت يا دكتورة أنا جبتلكم الطبق التاني ده..
بعد دقائق جاءت زميلتي لاستبدال النوبتجية، وللمرة الأولى في تاريخ نوبتجية المستشفى تطلب طبيبة أن تداوم للمرة الثانية وتطبق يومين متتاليين، كنت أنا هي صاحبة الرقم القياسي..أردت أن أعيش أجواء المدينة الفاضلة للنهاية..لم تصدق زميلتي، ولم تنتظر حتى لأفسر لها سبب ذلك الفعل اللا معقول؛ خشية أن أتراجع في قراري..
تابعتهما طوال الليل …كانا كعصفوري كناريا اجتمعا في قفص حب اختاراه بإرادتهما بعد فراق يوم كامل ..ظللتُ أمتصُّ ريق لعابي ربما حسرة، وربما إعجابا ..بهذا الزوج المصري النادر، حتى غلبني النعاس ..
أفقت من غفوتي مع دقات الثامنة، نظرت عن يميني من نافذة الغرفة الشفافة..فلم أجده بجوارها وقد استسلمت هي للنوم..
ها أنا ذا أتوجه للتوقيع على المغادرة فقد أهلكني شغفي وفضولي.. استلمت الدرج هبوطا، وإذا بمن يحمل حزمة من ورد يغطي به وجهه ..نعم ورد ..لأ أدري من أين أتى به في هذه الساعة المبكرة،..
تسمرّتُ في مكاني فاغرةً فاهي، مقطبة جبيني، مالهذا الشغف لا يبدو له من نهاية!!
تراجعت على مهل خلفه؛ لأستكمل قصتي القصيرة الطويلة، فإذا به ينحني كفارس قلعة وينجستون واضعا شماله خلف ظهره، فاردا اليمنى وهي حاملة للزهور، منحن قليلا على ركبته اليسرى القائمة ، مؤخرا اليمني بشبه زاوية منفرجة ،مرددا: مولاتي هل تقبلين سموك ورداتي؟
اعتدلت كمن لم تُجرِ جراحة بالأمس واقفة باستقامة الثقة، لتقبله قبلة هوليوديه.
لأغمض عيني وتنزل الستارة بالبداية..
لتمنيته حُلما.
رضا يونس

التعليقات مغلقة.