لَمْ تَمُّتْ كُلُهَا قصة قصيرة بقلم أحمد فؤاد الهادي
لَمْ تَمُّتْ كُلُهَا
قصة قصيرة بقلم أحمد فؤاد الهادي
يوم غيرعادي، ليس كتلك الأيام التي قضاها وهو لايدرك لها عددا، لم يكن يملك من أمره شيئا، فهو قابع فى سلام وسكينة يستمتع بتلك النبضات الرتيبة التى تهنهنه دون ملل، وجسر الطعام الممتد إلى جوفه ليل نهار، ليس فى حاجة للمضغ أو حتى للهضم، محاط بوسائد تحتضنه فى رفق، بنيانه يتكامل لحظة بعد لحظة، يتقلب وكأنه يمرر السعادة على كل خلاياه.
هناك من يهاجم صومعته، أشياء غريبة وحركات مريبة لايدرك لها سببا، النبضات تحيد عن انتظامها، وسائده تفقد حنوها فيلتصق بالواقع مباشرة، شيئ يجذبه من رأسه، ضغوط من كل اتجاه تدفعه فى إصرار فى اتجاه لايدركه، النبضات تتوارى رويدا رويدا حتى تلاشى إحساسه بها، البرد يحف بجسده، ذهب الدفء إذن، انتهى الصراع به معلقا رأسا على عقب من قدميه ورَبْت على ظهره وأشياء تسيل من فمه، هناك من قطع جسر الحياة، لم يكف الربت ولم ينته التعليق حتى انفجر باكيا، تناولته الأيدي ودثرته وانقطع بكاؤه، لمحت عيناه الضؤ لأول مرة، مخلوقات تروح وتجئ، فراغ شاسع ليس له حدود، يفتقد النبضات الحانية، وضعوه فى أحضان المسجاة على السرير، ألقموه ثديها، عاود النبض الظهور، ملأت الطمأنينة قلبه، ساعة وخفت النبض، المخلوقات تتسارع فى كل اتجاه، النبض يخفت ويضطرب، مازلت المخلوقات تهرول هنا وهناك، لقد سكن النبض تماما، الحليب مازال يتقاطر فى فمه، يأخذونه بعيدا حيث يبدأ مسيرة غامضة، لم يخطر ببال أحد أن كل شئ قد نقش فى مكان دفين فى ذاكرته، كلما لاح له طيف أمه، دس يده بين ملابسه، يتحسس سرته فى حسرة…ويبكي.
التعليقات مغلقة.