مأساةُ الياسمين.. للشاعر.عبد اللطيف غسري
كنتُ في عتْمةِ الحنينِ سَجينا
لا أناجي غَيرَ الفراغِ خَدينا
في قطارٍ ينْسَلُّ منْ ذكْرياتي
أتمَلَّى شمْعاتِيَ الأرْبَعينا
أرْقُبُ الأفْقَ منْ زجاجِ شُجوني
وهْوَ يَعْدو إلى الوراءِ حزينا
فُتِحَ البابُ عنْ مُحَيًّا تجَلَّى
بيتَ شعرٍ لا يَقْبلُ التضْمينا
بدْعةُ الحُسْنِ فيهِ فتْحٌ جديدٌ
نُبْصِرُ الضوءَ إثْرَهُ إنْ عَمِينا
كلُّ لفظٍ يُرامُ في وصْفِهِ في
رَحِمِ العقْلِ ما يزالُ جَنينا
غادةٌ غَضَّةُ الملامِحِ وَسْنى
قدْ تَخَطَّتْ سِنونَها العشْرينا
أتْلفَتْني بنظرةٍ رَشَقَتْها
في تلافيفِ مهْجتي سِكِّينا
لمْ تذرْ لي بِساحةِ النبضِ إلا
شَرَيانًا مُضَرَّجًا ووَتينا
أتْبعَتْها بضَحْكةٍ مُشْتهاةٍ
أنْبتتْ في حُشاشتي يَقْطِينا
أخْرَجَتْ بَغْتةً لُفافَةَ تِبْغٍ
لَفَّ منْ طيبِ شَكْلِها الوعْيُ حينا
ثارَ ظنِّي ورُحْتُ أسْألُني هلْ
كانَ شكًّا ما عَنَّ لي أمْ يَقينا
حينَ مُدَّتْ يدي بعودِ ثِقابٍ
شَعَّ نورُ العِرْفانِ منها مُبينا
خِلْتُ أنِّي سَمِعْتُ للقُرْطِ جَرْسًا
كشَهِيقِي وللسوارِ رَنينا
أوْمَأتْ لي ببَسْمةِ الثغْرِ جذلى
ثمَّ أحْنتْ بالاِمْتِنانِ الجَبينا
أشْعَلتْها فأضْرمَتْ فِيَّ نارًا
قدْ خبَتْ من جِمارِ قلبي سِنينا
وتعَجَّبتُ.. إنَّ أعْجَبَ شيءٍ
ربَّةُ الحُسْنِ تعْشَقُ التدْخينا!
شَرِقتْ عَيْنُها بدَمْعِ كلامٍ
يحملُ الحرفُ فيهِ حُزْنًا دفينا
فتحَتْ شُرْفةَ الحديثِ فقالتْ
أوْشَكَ الهَمُّ فيكَ أنْ يسْتبينا
إنَّ في مُقْلتيْكَ موْجَ ادِّكارٍ
هاجَ في لُجَّةٍ تُقِلُّ سَفينا
أصْغِ لي.. إنَّ لي حكايةَ جرحٍ
سوفَ تُنسيكَ بالتأسِّي الحنينا
أنا يا شاردَ العيونِ سِراجٌ
أفَلَ الضوءُ منهُ حينَ أُهينا
في انْتصافٍ منَ الزمانِ قريبٍ
لمْ أجِدْ لي على البلاءِ مُعينا
عَضَّني فيهِ هِجْرِسٌ آدَمِيٌّ
يعْتلي في العَواءِ رُكْنًا رَكينا
نَطَّ في مِزْهَريَّتي غِبَّ يوْمٍ
مُكْفَهِرٍّ فمَزَّقَ الياسمينا
بعْدَها قدَّتِ الخطيئةُ ثوبي
نَصَبَتْ لي بكلِّ فجٍّ كَمينا
ليْتني في الهوى رَبَأْتُ بحظي
فيهِ منْ أنْ أُدانَ أو أنْ أُدينا
شَجَّني صَوْتُها الشَّجيُّ ابْتداءً
ثمَّ فاضتْ منهُ الحنايا أنينا
فتواثبْتُ للكلامِ عَجولاً
بعدَ أن كنتُ بالكلامِ ضَنينا
قلتُ إنَّ الحياةَ قدْ عَلَّمَتْني
في دُنا الرأيِ أنْ أكونَ أمينا
نحنُ في قبْضةِ القضاءِ، سَواءٌ
أأبَيْناهُ أمْ بهِ قدْ رَضينا
بُرْعُمُ الوردِ فيكِ مَوالُ طُهْرٍ
كيفَ يرضى بذا الغثاءِ مَعينا؟
لمْلمي الجُرْحَ ما أصابكِ ولَّى
فعْلُ ماضٍ لا يقبَلُ التسْكينا
واظْعَني فوق هَوْدَجِ التوْبِ حتى
يسْكُنَ الروْعُ منْكِ أو يسْتكينا
آيت اورير – المغرب
02/11/2014
التعليقات مغلقة.