موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

مأساة السيد ” ق ” بقلم : محمود حمدون

224

مأساة السيد ” ق ” بقلم : محمود حمدون

لا نعرف كثيرًا عن السيد ” ق” وبالتحديد أنا فمعلوماتي الشخصية عنه أقل من القليل, و إن شئت الدقة فهي شحيحة, لا تختلف عمّا يعرفه الباقون. لكن تظل ذكراه عالقة بذهني و ذكرياتي عنه باقية مستقرة في أعماقي.
أدركته في الأعوام القليلة التي سبقت وقوع مأساته, كان حسن الصوت, يعشق الغناء و يقلّد أصوات كبار المطربين والمقرئين, فلم يترك فرحًا إلّا ورأيته يُنَحّي المطرب جانبًا وينطلق في وصلات متتالية من الشدو الجميل حتى تثمل الرؤوس نشوة و يظل حتى تصيح الديكة فجرَا, فإن كان عزاءً, فهو أول الذاهبين, يتصدر السرادق, يزاحم الًمقرئ ويتلو ما يشاء من آيات الذكر الحكيم , قراءة صحيحة نَديّة تهدأ النفس لها, تسكن الريح خشوعًا لجمالها .
كما كان موسرًا وإن كنت أجهل وأقراني والأهل والجيران مصدر ثروته أو طبيعتها, تحرّجت من سؤاله برغم أن القوم لطالما وسوسوا ليّ بالتقرّب إليه ومعرفة أحواله, لكنّي خشيت ذلك, أدعيّت أن التطفل على أسرار الغير ليس من الخُلق القويم.
جاهرت برأيي بينهم, انبريت ألقي عليهم درسًا في التربية السليمة وأنا الحَدَثْ الذي يصغرهم بكثير, خفتُ أن يسخروا منيّ أو يوقعوا بيّ أذى, لكن خاب ظنّي حين استجابوا لحديثي و نزلوا عند رأيي فاستقاموا بعد اعوجاج .
السيد : ” ق ” من الجيران الذين يقيمون بيننا منذ عقود, يمر بيننا صباح مساء كنسمة باردة في هجير الصيف, طويل القامة, يرفع رأسه في أنَفَة عجيبة لا تستقيم مع الحياة في البلدة,
يختال بين أناس لا يرفعون رؤوسهم إلاّ حينما يرفرف في السماء جارح يبحث عن طريدة .
رأيته سخيًّا حد السفه, فإن منح وأعطى أغدق دون حساب, رصينًا ,لطالما احتكمنا لقوله في النوازل التي تصيبنا.
إلاّ أنه في الخمس الأواخر من كل شهر ميلادي,و هي ظاهرة التصقت به, كان ينقلب به الحال فيصبح مرحًا يتقصّع بالشوارع ويلقي النكات الفاحشة يمينًا ويسارًا, لا يسلم من لسانه ويده امرأة أو صبية. ينقلب حاله للنقيض فيصبح أقرب إلى “أراجوز”, يسخر منه الناس, تفر منه النسوة.
قيل أنه تزوّج كثيرًا, كل مرة يترك حليلته وأبناءه منها, يهجرهم لمدينة أخرى كي يبدأ حياة جديدة.
عندما استوفت غزواته النسائية جميع مدن وقرى المحروسة واطمأن قلبه أن زوجاته الأربعة الموجودات على ذمته, المطلّقات اللاتي حرّم عليهن الزواج من بعده, بَنيه وبناته البالغين منهم والقُصّر, استوثق أن جميعهم قد ألهتهم الحياة بنعيمها وجحيمها, أنهم قد نسوه دون رجعة ,.
عندئذ عاد ( ق) لبيته القديم ذلك الذي ينزوي بطرف مدينتا بنقطة جغرافية فاصلة تتفرّع إلى أحياء الصاغة القديمة, الشط, العامود, المبيضة, الشيخ حسن. فأقام ببيته فردًا.
قال أحدهم ويجزم أنه شاهد ذلك بعينيه أنه رأى ” ق”, يخلع نعليه ويتركهما عند عتبة الباب الخشبي العتيق, أنه تنحنح بصوت سمعه الثقلين كأنما يُعلن الفراغ بقدومه, ثم دخل وتجشأ بصوت عال, وأطفأ النور خلفه.
كلما غاب القمر, زادت العتمة شراسة, تذكَّرنا السيد( ق), بمآثره وأياديه البيضاء على فقراء أحياء المدينة, بنزقه وجنونه المفاجئ, بجبروته الذي يقارب آلهة الإغريق, ضعفه الذي يماثل مجاذيب وليّ صالح, يطوف ببال عجائز النسوة فتتفجر ضحكاتهن الخليعة على استحياء ثم تنتشر ككهرباء بين الصبية والمراهقات حين يدركن معاني كامنة وراء الغمز واللمز. أدركنا من قديم سيرته تخففّ من جفاف الحياة, تبعث خدرًا في الأنفس يقارب ما يحسه المدمنون.

التعليقات مغلقة.