مأساة العرب
شعر مدحت عبدالعليم بوقمح الجابوصي
ودعتكَ من تهوى بنصفِ طريقِ…..فندمتَ مثلَ ندامةِ ابنِ زريقِ
ووهبتَها صفوَ الفؤادِ فمالها…..تأبى عليكَ الآنَ بعضَ حقوقِ
قد بعتَ نفسكَ في هواها نسيئَةً…..وبصدِّها قد كنتَ غيرَ خليقِ
ما أغربَ القلبَ الجريحَ وشوقَهُ…..دوماً لهُ وجدٌ وطولُ شهيقِ
علمَ الحبيبُ مقامَهُ لمَّا رأى……عن بُعدِهِ المُشتاقَ غيرَ مُطيقِ
جازيتُهُ وُدَّاً بوُدٍّ في الورى……وجزاني بعدَ محبتي بعقوقِ
وبرغمِ ذا أهوى التدلُّلَ إنَّهُ ……شرعُ الغرامِ ومنهجُ المعشوقِ
إنْ لم يكنْ ما قد ذكرتُ فإنهُ…..قصدُ الحبيبِ بمنطقِ التشويقِ
ويسوقُني حُبِّي إليهِ وإنني… .أفديهِ رغمَ صبابتي وخفوقي
ولكم نظمتُ لهُ القصائدَ جزلةً……ألفاظُها وبرعتُ في التنسيقِ
وَسَطَرْتُها من فيضِ قلبٍ نابضٍ……بالشوقِ ثمَّ اختلتُ بالمنطوقِ
حمَّلتُها شوقي وكلَّ محبتي……ودفعتُها دفعاً إلى معشوقي
رفقاً بنا فالقلبُ يملؤهُ الأسى…..وغدوتُ في بحرِ الهوى كغريقِ
وصلاحُ هذا القلبِ وصلُ حبيبِهِ…….هلَّا أزلتم بالوصالِ حروقي
وإذا أويتُ إلى المضاجعِ كنتُمُ……مرأى العيونِ وجملةَ المنطوقِ
وإذا انتبهتُ من المنامِ سألتُهُ…..ربَّ الورى وصلاً بغيرِ عقوقِ
ما كنتُ من شعبٍ ضعيفٍ إننا……خيرُ الجنودِ ولسنا أهلَ مُرُوقِ
من نيلِنا العذبِ الطهورِ ترعرعتْ……أجسادُنا فغدوتُ جدَّ طليقِ
وقلوبُنا وُدٌّ لأهلِ الودِّ لا……للشامتينَ بدربِنا وطريقي
أهلُ المودةِ في الفؤادِ مكانُهُم……ونُجلُّهم حقاً بدونِ فسوقِ
وعرفتُ أهلَ الودِّ للأوطانِ معْ……أهلِ الخنى والاعتدا والمُوقِ
والطيبينَ أولي الحنينِ لأرضِهِم……والمعتدينَ أئمةِ التفريقِ
ونبتُّ من خيرِ الأصولِ وكم لنا……من منطقٍ في العالمينَ صدوقِ
والعدلُ فينا والشهامةُ والنُّهى…….وأبي وجدي هم أبرُّ فريقي
والطيبونَ بنو أبي من قد بدَوا…….مثلَ الشموسِ وما أتوا بعقوقِ
خيرُ الفروعِ لخيرِ أصلٍ قد نُمُوا……والأصلُ من ذا الفرعِ جدُّ عريقِ
واللهُ قد جعلَ الأعاربَ أُمَّةً……سلطانُها للهِ ذي التوفيق
ومردُّها شرعٌ حنيفٌ عادلٌ …وفريقُهم في الأرضِ جدُّ فريقي
ما بالُ بأسهم شديدٍ ينهم……..متنابذينَ وما وعوا بحقوقِ
أوطانكم صارتْ بأيدِ سواكُمُ……وحبالُكُم في شدةِ التمزيقِ
ملتم إلى رأيِ الهوى وتركتمُ……حكمَ اللبابِ ودعوةً للنيقِ
ونكلتُمُ عن منهجِ الآباءِ من ……أهلِ الإبا والسبقِ والتصديقِ
الشامخينَ وكم لهم من همَّةٍ…….البالغينَ الأُفْقَ بالتحليقِ
الجامعينَ شتاتَ أُمتنا التي…….قد هدَّها خلفٌ معَ التفريقِ
واليومَ ألهى العُرْبَ ما ألهاهُمُ……حتى بدوا في الأرضِ دونَ طريقِ
فتأخرو والغربُ أسرعتِ الخُطا…….وتخبطوا كتخبُّطِ المسبوق
تركوا العلومَ ورأيَ أربابِ الحجى……. إلى دعوةٍ مشؤمةٍ ونعيقِ
التعليقات مغلقة.