مأوى بقلم.. سيد جعيتم
هدير صوتها كاد أن يصيبه بالصمم، وضع يديه على أذنيه، قال له الطبيب:
ـ مجرد أوهام يا مولاي.
تأكد أن لا أحد غيره يسمعها، صاح:
ـ أخرسوها قبل أن يوقظهم صوتها، اعملوا فيها معاول الهدم اقطعوا كل نبته، أحرقوا حشاشها.
تقرحت جلودهم، غطتها بثور يعلوها القيح، رائحة الوباء النتنة تعم المدينة وتزكم الأنوف، توارت الشمس خجلة.
رغم المدافئ والمشاعل وغلق كل منافذ قصره المهيب يصله أنينها، جن، صرخ:
ـ سأقتلكم جميعًا إن لم تسكتوها.
كوموا فوقه الأغطية ليوقفوا ارتجافه، نصحه كهنة معبده بالشراب، زاد الشراب من ارتعابه.
ما زالت حية، تحركت، ارتجوا من زلزالها، زاد هلعه، نصحوه بالنزول لسرداب قبل أن ينهار بيته العالي.
ـ أغبياء كيف ألوذ ببطنها منها؟
ـ تنتظر الفرصة لتبتلعني.
سلبتهم العبودية إرادتهم وضربت على أذهانهم فأصابهم الصمم
من لم يحصد الجوع روحه صارت أنفاسه شخيرا.
لن يهزمها العاتي، لا بد من أن يستفيق أولادها، أشتد غليانها وأزيزها تنبههم:
ـ اجعلوا من أنفسكم سَدًّا منيعًا في وجه اللعنة، استيقظوا من سُباتكم قبل أن يحصد فلذات أكبادكم، تشتاق الشمس أن تشرق.
انحصر الطوفان عن ملح يحرق الجلود المهترئة وعلا نقيق الضفادع، مرت أسراب الجراد ولم تهبط فلا يوجد ما تقتات عليه.
ظل على كفره رغم الآيات.
في أقصاها ولد الابن الذي تنبأ به الكهنة، جاب جنوده الأرض بحثًا عنه ليقتلوه، أخفته حتى صلب واشتد عوده، خرج للعلن غرس عصاه في بطنها، تبعوه؛ غرسوا بذورهم، ارتوت بدمائهم فاخضرت الأرض، سطعت الشمس وأظلتهم بأشعتها.
ضجيجهم يدق أبواب قصره أعدادهم تتزايد.
راح ينقب عن مكان آمن.
التعليقات مغلقة.