مؤامرة كونية .. خاطرة بقلم/ خلود أيمن
في بعض الأحيان تشعر أن كل أمور الكون قد تكالبت ضدك ، اجتمعت كل المشاعر دُفعة واحدة من أجل الفتك والإيقاع بك ، إذْ يعتلي وجهك العبوس ، يجتاح كيانك السكون ، يَكْسوك الهدوء ، يَسُودك الاكتئاب ، يحاوطك الصمت ، يعتريك اليأس ، تنتابك نوبة غضب لا تدري لها سبباً أو تعلم من أين أتتك ، تركن إلى الانعزال ، تضطرب من أي ضوضاء قد تُحيط بك ، تنزعج من أي مصدر للصوت ، يمر الوقت دون أنْ تشعر به ، تفقد الشعور بأي شيء في المُطلَق ، ترغب لو ينتهي بك المطاف لهذا الحد ، تشعر بالاكتفاء التام من كل مُتع الحياة وكأنك زهدت فيها أو مللت شيئاً ما لم تتوصل لكُنهه بَعْد ، وحينئذ يجب أنْ تعلم أنه لا بد من انقطاع تام وكأنه فاصلٌ عن كل تلك المهام التي اعتدت القيام بها حتى تستعيد نشاطك وتعود لحياتك بمزيد من الحماس والقوة التي تحلَّيت بها في الماضي ، فعليك أنْ تعلم أنه لا بد من التخلُّص من كل هذا الضيق الذي قد يُسقِطك في دائرة من القنوط والتبطُّر على كل النعم التي تحظى بها وتحوزها بالفعل وبتلك الطريقة قد تُزاح من طريقك ذات يوم وتذهب لمَنْ يُقدِّرها بِحَقْ ويحمد الله عليها ، فحاول أنْ تعيش حزنك بكل مشاعرك دون أنْ تسمح لها أنْ تسيطر عليك أو تتمكَّن منك أو تشغل حيزاً كبيراً من حياتك ، فالوقت الذي يمضي منها دون استغلال أو استفادة هو وقت مُهدَر سوف تُحاسَب عليه بالطبع وسوف تندم أيضاً على ضياعه في حزن غير معلوم الأسباب أو تفهم له مبررات واضحة ، فلتنحيه جانباً وتحاول ممارسة حياتك شيئاً فشيئاً حتى تعاود عيشها بكل مرونة ويسر ورضا ولتعلم أنها دون الرضا والقناعة لا تساوي شيئاً ولا تُعاش أو تُطاق أو تُحتَمل ، فلهذا حبانا الله منه أطناناً حتى نتمكن من مواصلة الحياة حينما نُصاب بأي جزع في منتصف الطريق ، فما هو إلا دافع للاستكمال وكأنه وقود يُحرِّكنا للعبور من المحطات الصعبة والأزمات التي لا بد منها حتى ندرك قيمة تلك الرفاهية التي كنَّا نعيشها من قَبْل ، فالحياة يا صديقي لا تسير على وتيرة واحدة أو تتمتع بنمط ثابت لا يتغير لأنها بهذا ستكون مملة ولن تتعلم شيئاً فيها على الإطلاق ، فلا بد من تلك المنعطفات التي تُفرِّق بين بني البشر وتُميِّز بين قدرتهم على تحمُّل الصعاب والعبور منها بنفس الروح السَمِحة المشرقة المُقبلة على الحياة بكل شغف وكأنها لم يُصبْها أي مكروه أو تعاني من أي لحظة حزن مرَّت بها ولو مرور الكرام …
التعليقات مغلقة.