ماذا تعرف عن إبراهيم نبي الله… محمد الدكرورى
ماذا تعرف عن إبراهيم بن النبى
قلم / محمــــد الدكــــرورى
أهدى المقوقس حاكم مصر للنبي الكريم محمد صلّى الله عليه وسلّم جارية ، وهي مارية القبطيّة، وذلك في السنة السادسة للهجرة، فأسلمت، وتزوجها النبي عليه الصلاه السلام، وأنجبت له آخر أولاده ، إبراهيم، ولما وُلد فرح به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، فرحاً شديداً .
وكان يحبّه حبا شديداً يظهر لأصحابه ، حتى وصف أنس رضي الله عنه ، ما كان من النبي عليه الصلاه والسلام ، تجاه ابنه فقال: “ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلّى الله عليه وسلم .
وإبراهيم بن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولدته أمه مارية القبطية في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة وذكر الزبير عن أشياخه أن أم إبراهيم مارية ولدته بالعالية في المال الذي يقال له يوم مشربة أم إبراهيم بالقف وكانت قابلتها سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أبي رافع فبشر أبو رافع به النبي صلى الله عليه وسلم .
فوهب له عبدًا فلما كان يوم سابعه عق عنه بكبش وحلق رأسه حلقه أبو هند وسماه يومئذ وتصدق بوزن شعره ورقًا على المساكين وأخذوا شعره فدفنوه في الأرض هكذا قال الزبير سماه يوم سابعه والحديث المرفوع أصح من قوله وأولى إن شاء الله عز وجل.
وعن أنس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ” وقال الزبير ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة يقال له أبو سيف.
وتنافست الأنصار فيمن يرضعه وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من هواه فيها ، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة من الضأن ترعى بالقف ولقاح بذي الجدر تروح عليها فكانت تؤتى بلبنها كل ليلة فتشرب منه وتسقي إبنها فجاءت أم بردة بنت المنذر بن زيد الأنصاري زوجة البراء بن أوس فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن ترضعه بلبن إبنها في بني مازن بن النجار وترجع به إلى أمه .
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بردة قطعة من نخل فناقلت بها إلى مال عبد الله بن زمعة ، ولعل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم يكون مع أصحابه في عوالي المدينة، فيذكر ابنه إبراهيم، فيذهب ينظر إليه، ويقبّله، ويرجع لأصحابه ، ولم يعش إبراهيم ابن النبيى صلى الله عليه وسلم طويلا .
وتوفي إبراهيم في بني مازن عن أم بردة وهو أبن ثمانية عشر شهرًا وكانت وفاته في ذي الحجة سنة ثمان وقيل بل ولد في ذي الحجة سنة ثمان وتوفي سنة عشر وغسلته أم بردة وحمل من بيتها على سرير صغير وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع وقال: ” ندفنه عند فرطنا عثمان بن مظعون ” وحزن النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم على فراقه حزناً شديداً، وذرفت عيناه عليه وهو يدفنه .
وعن أنس في موت إبراهيم قال ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلقت معه فصادفنا أبا سيف ينفخ في كيره وقد امتلأ البيت دخانًا فأسرعت في المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهيت إلى أبي سيف فقلت يا أبا سيف أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأمسك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول قال فلقد رأيته يكيد بنفسه قال فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون ” .
ويصف أنس بن بن مالك رضي الله عنه حال وموقف النبي الكريم صلى الها عليه سلم عند لحظة موت ابنه إبراهيم فيقول: (دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى سيف القين (الحداد)، وكان ظِئرا لإبراهيم (أباً له من الرضاعة)، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه ، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه .
فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ” رواه البخاري.
وقد قيل إن الفضل بن العباس غسل إبراهيم ونزل في قبره مع أسامة ابن زيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على شفير القبر ، وقال الزبير ورش قبره وأعلم فيه بعلامة قال وهو أول قبر رش عليه وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لو عاش إبراهيم لأعتقت أخواله ولوضعت الجزية عن كل قبطي.
ويُذكر أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ودع في حياته كل أبنائه وبناته إلا فاطمة رضي الله عنها، ولم يكن وداعه لأبنائه إلا بقلب راض ، محتسباً إياهم عند الله سبحانه.
وقد وقع كسوف للشمس في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، يوم وفاة ابنه إبراهيم ، فظن الناس أن ما حصل له علاقة بوفاة ابن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، لكن النبي عليه الصلاه والسلام ، أبطل ظنهم، وأكد للمسلمين أن الخسوف والكسوف من آيات الله التي ليس لها علاقةٌ بموت أو حياة أحدٍ من البشر، فقال صلى الله عليه وسلم ” إن الشمسَ والقمرَ لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ ولَكِنهما آيتانِ من آياتِ اللَّهِ ” .
والمتأمل في السيرة النبوية يرى أن نبينا صلى الله عليه وسلم مع علو قدره ومنزلته قد أصابه مثل ما يصيب الناس من فراق الأهل والأحباب، فصبَرَ صبراً جميلا، وهو الصبر الذي لا تسخط فيه ولا جزع، ولا اعتراض على قضاء الله وقدره، فقد ابتلِى صلى الله عليه وسلم بفقد ابنه إبراهيم .
بل ابتلي بفقد جميع أبنائه في حياته عدا ابنته فاطمة رضي الله عنها، ومن أشد المصائب على الإنسان موت أحد أولاده، فكان صلوات الله وسلامه عليه يستقبل هذا البلاء بالصبر والرضا بقضاء الله عز وجل، وما كانت تتعدى ردةُ فعله على فراق أولاده ومنهم إبراهيم إلا دموعه الشريفة .
وهناك قصه لا أصل لها ، ولا سند لها ، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما دفن ولده إبراهيم وقف على قبره، فقال: ” يا بني القلب يحزن، والعين تدمع، ولا نقول ما يسخط الرب، إنا لله وإنا إليه راجعون، يا بني قل: الله ربي، والاسلام ديني، ورسول الله أبي ” .
فبكت الصحابة وبكى عمر بن الخطاب بكاء ارتفع له صوته، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأى عمر يبكي وأصحابه فقال: ” يا عمر، ما يبكيك ؟ ”
فقال: يا رسول الله، هذا ولدك وما بلغ الحلم ولا جرى عليه القلم، ويحتاج إلى ملقن فمثلك تلقن التوحيد في مثل هذا الوقت، فما حال عمر وقد بلغ الحلم، وجرى عليه القلم، وليس له ملقن مثلك أي شئ يكون صورته في تلك الحالة ؟
فبكي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبكت الصحابة معه، فنزل جبريل وسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سبب بكائهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما قاله عمر وما ورد عليهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم فصعد جبريل، ونزل .
وقال: ربك يقرئك السلام وقال : (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ويريد بذلك وقت الموت، وعند السؤال فتلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليهم الاية فطابت الانفس، وسكنت القلوب وشكروا الله .
والحقيقة أن هذه القصة غريبه منكره لا أصل لها في كتب الحديث النبوي كما قال المحققون من أهل العلم ، ولا يصح عن النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل .
ولم يقل لقنوه ثم إن تلقين الميت لا فائدة منه في الواقع لأن الميت لا يسمع مثل هذا ولن يجيب إذا كان ليس على إيمان مهما لقن لا يجيب إذا كان على غير إيمان أي إذا مات على غير إيمان فإنه لا يمكن أن يستجيب بالصواب وإذا مات على الإيمان فإنه يجيب بالصواب سواء لقن أم لم يلقن .
التعليقات مغلقة.