ماذا تعرف عن الصحابى البراء بن عازب
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
إن تاريخ الصحابة يعد تاريخ حافلا بالأحداث ، والأمور المهمة ويعد البراء بن عازب رضى الله عنه ، هو احد هؤلاء الصحابة الأفاضل ، فقد صحب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وسمع حديثه وشارك في غزواته وهنا نتكلم عن سيرة البراء ومشاركاته ومكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته الكرام .
وينتمي البراء إلى قبيلة الخزرج أخوة الأوس ، ابنا ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن أمرئ القيس بن ثعلبة بن ، مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان ، والأوس والخزرج هم الأنصار، الذين سموا بهذا الأسم نسبة إلى نصرتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة .
البراء بن عازب رضي الله عنهما ، أسلم وهو صغير دون العاشرة من عمره ، وحاول حضور غزوة بدر وأحد فاستصغره النبي صل الله عليه وسلم ورده فيهما ، وأجاز رسول الله صل الله عليه وسلم البراء بن عازب يوم الخندق وهو ابن خمسة عشرة سنة ولم يُجز قبلها ، وكانت غزوة الخندق فى السنة الخامسة للهجرة ، وهذا يعنى أن عمره عند الهجرة 10 سنين وأنه أسلم قبلها ، وغزا البراء رضي الله عنه مع رسول الله صل الله عليه وسلم 15 غزوة .
فهو الصحابي الجليل أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري المدني، استصغر يوم بدر، وأول مشاهده أحد مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وله أحاديث كثيرة، حَدث عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، وعنه بعض الصحابة وجماعة من التابعين مات بالكوفة أيام ولاية مصعب بن الزبير على العراق سنة ٧٢ﻫجريه .
البراء بن عازب بن حارث بن الخزرج الأنصاري ويكنى أبا عمارة ، ولد رضي الله عنه قبل الهجرة بعشر سنوات، وقال رضي الله عنه : استصغرني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أنا وابن عمر فرَدّنا فلم نشهدها، وقال محمد بن عمر: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة ولم يجز قبلها.
وعن البراء بن عازب قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فصافحني فقلت يا رسول الله إن كنت أحسب المصافحة إلا في العجم قال نحن أحق بالمصافحة منهم ما من مسلمين يلتقيان فيأخذ أحدهما بيد صاحبه بمودة ونصيحة، إلا ألقى الله ذنوبهما بينهما.
وعنه رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى أغمر بطنه أو اغبر بطنه يقول: “والله لولا الله ما اهتدينا ، ولا تصدقنا ولا صلينا ، فأنزلن سكينة علينا ، وثبت الأقدام إن لاقينا ، إن الألى قد بغوا علينا ، إذا أرادوا فتنة أبينا” ورفع بها صوته “أبينا أبينا”.
وتابع البراء بن عازب رضي الله عنه المشاركة فى القتال والجهاد فى سبيل الله تعالى وشهد معركة ( تستر ) مع أبى موسى الأشعري رضي الله عنهما سنة عشرين فى خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتُستُر هى أعظم مدينة بخوزستان من بلاد فارس ، وجعلها عمر رضي الله عنه بعد فتحها من أرض البصرة لقربها منها .
وشهد البراء بن عازب مع علي بن أبي طالب يوم الجمل وصفين وحضر معه قتال الخوارج فى النهروان، وروى البراء بن عازب رضي الله عنه جملة كثيرة من الأحاديث عن رسول الله صل الله عليه سلم مباشرةً وروى عن أبيه وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم .
وفي البخاري عن سعد بن عبيدة قال حدثني البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة فاجعلهن آخر ما تقول ” فقلتُ أستذكرهن وبرسولك الذي أرسلت قال ” لا وبنبيك الذي أرسلت ” .
وروى البخاري بسنده عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يحدث قال ابتاع أبو بكر من عازب رحلا فحملته معه ، قال: فسأله عازب عن مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخذ علينا بالرصد فخرجنا ليلا فأحثثنا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة ثم رفعت لنا صخرة فأتيناها ولها شيء من ظل قال: ففرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروة معي ثم اضطجع عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
فانطلقت أنفض ما حوله فإذا أنا براع قد أقبل في غنيمة يريد من الصخرة مثل الذي أردنا فسألته: لمن أنت يا غلام؟ فقال: أنا لفلان ، فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم ، قلت له: هل أنت حالب؟ ، قال: نعم ، فأخذ شاة من غنمه فقلت له: انفض الضرع .
قال: فحلب كثبة من لبن ومعي إداوة من ماء عليها خرقة قد روأتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضيت، ثم ارتحلنا والطلب في إثرنا، قال البراء: فدخلت مع أبي بكر على أهله، فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى فرأيت أباها فقبل خدها وقال كيف أنت يا بنية.
وروى البخاري بسنده عن البراء رضي الله عنه قال: ” أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء فما جاء حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور مثلها “.
وكان البراء بن عازبٍ رضي الله عنه من قادة الفتوح، وقد عينه عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته على الري سنة 24هـ فغزا قزوين وما والاها ، وفتحها وفتح زنجان عنوة ، وقد شهد البراء بن عازبٍ رضي الله عنه غزوة تستر مع أبي موسى وشهد أيضًا وقعتي الجمل وصفين وقتال الخوارج ونزل الكوفة وابتنى بها دارًا.
عن أبي داود قال لقيني البراء بن عازب فأخذ بيدي وصافحني وضحك في وجهي ثم قال: تدري لم أخذت بيدك؟ قلت: لا إلا إني ظننتك لم تفعله إلا لخير. فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لقيني ففعل بي ذلك ثم قال: أتدري لم فعلت بك ذلك؟ قلت: لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن المسلِمَين إذا التقيا وتصافحا وضحك كل واحد منهما في وجه صاحبه لا يفعلان ذلك إلا لله لم يتفرقا حتى يغفر لهما “.
وعن أبي إسحاق قال: قال لي البراء بن عازب: ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : إذا رأيت الناس قد تنافسوا الذهب والفضة فادع بهذه الدعوات : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر وأسألك عزيمة الرشد وأسألك شكر نعمتك والصبر على بلائك وحسن عبادتك والرضا بقضائك وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم .
روى البخاري بسنده عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أو يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) فتوجه نحو الكعبة ، وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ( مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) سورة البقره .
فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعدما صلى فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال وهو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه توجه نحو الكعبة فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإضحى بعد الصلاة فقال: ” من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فإنه قبل الصلاة ولا نسك له ” .
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا أقعد المؤمن في قبره أتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله ” .
وعن البراء بن عازب قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنائز وإفشاء السلام وإجابة الداعي وتشميت العاطس ونصر المظلوم وإبرار القسم ونهانا عن الشرب في الفضة فإنه من يشرب فيها في الدنيا لا يشرب فيها في الآخرة وعن التختم بالذهب وركوب المياثر ولباس القسي والحرير والديباج والإستبرق.
وقال البَراء بن عازب ، لم أزل لبني هاشم محبا ، فلما توفي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، تخوفت من قريش ، لأني كنت أحس بأنها تريد أن تُخرج هذا الأمر أى الخلافة ، من بني هاشم ، وبعد إعلان بيعة أبي بكر الصديق ، وكان البراء بن عازب ، والمقداد بن الأسود ، وعُبادة بن الصامت ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر ، وحُذيفة ، وأبو الهيثم بن التيهان ، من الرافضين لها .
وكان البراء من خواص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وكان يقضي معظم أوقاته عنده ، فيسمع منه ويناظره ، وفي مرة من المرات سأله أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، كيف اعتنقت دين الإسلام ؟ فقال له : كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبع النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، تخف علينا العبادة ، فلما اتبعناه ووقعت حقيقة الإيمان في قلوبنا عرفنا معنى العبادة .
وعن البراء بن عازب قال: من تمام التحية أن تصافح أخاك ، وعنه رضي الله عنه قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن.
وجمع الأمام أحمد ما رواه عن البراء بن عازب رضي الله عنه فى الجزء الرابع من ( مسند الإمام أحمد ) وكثرة رواية البراء رضي الله عنه للأحاديث هى سبب شهرته فى مجالس العلم والعلماء ، وطلاب العلم ، وتكرر اسمه فى بطون كتب الفقه والحديث والسيرة ، وأكثر من كبار الصحابة المشهورين والمعروفين ، ولكن يندر من يعرف سيرة هذا الصحابي الفتى فى الجهاد والفتح .
واستقر البراء بن عازب رضى الله عنه فى الكوفة للعلم والتعلم والحديث عن رسول الله صل الله علية وسلم وتربية المسلمين على منهج الإسلام القويم ، ولذلك وردت عنه أحاديث كثيرة ، وترك أثاراً علمية طيبة فى الكوفة ولذلك يُعدُ من فقهاء الصحابة فى الكوفة .
وهكذا جمع هذا الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه بين الخيرين : السيف والقلم ، أو الجهاد والعلم ، فجاهد وشارك فى القتال ، وشهد الغزوات مع رسول الله صل الله عليه وسلم ثم الفتوح والمعارك الفاصلة فى عهد الراشدين مدة تقرب من أربعين عاماً
ثم صرف معظم عمره ، وهو أكثر من ثلاثين سنة فى العلم والتعليم ، والتحديث والرواية والفقه والتربية ، رضي الله عنه وعمن ترضى عنه ، توفي رضي الله عنه وأرضاه بالكوفة سنة 72 هـ في إمارة مصعب بن الزبير.
التعليقات مغلقة.