موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ماذا تعرف عن غزوة مؤتة “الجزء الأول” بقلم الدكــــرورى

177

ماذا تعرف عن غزوة مؤتة “الجزء الأول”
بقلم / محمــــد الدكــــرورى

لقد كانت غزوة مؤتة مليئة بالدروس، حافلة بالبطولات، تعطي البرهان على أن الإيمان إذا استقر في القلوب، وعمل عمله فيها ، قاد النفوس إلى استقبال المنايا، وتمني الموت، ابتغاء رضوان الله تعالى وهكذا سقط القادة الثلاثةُ في مؤتة الواحد منهم تلو الآخر، ولم يكن همهم أنفسهم والرماح والسيوف قد خالطت أجسادهم، بل همُّهم الإسلام، فلم تسقط رايته من أيديهم رغم ما لاقوه من ألم القتل والتمزيق.

وحدثت غزوة مؤتة في الأول من جمادى من العام الثامن الهجري، وسببها إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل الحارث بن عمير الأزدي رسولاً إلى عظيم بُصرى، فلقيه شرحبيل بن عمرو الغساني، وهو عامل على البلقاء من الشام، فربطه، ثمّ قتله بشق عنقه

وقد عُرف آنذاك بأن قتل الرسل، والسفراء يعني قيام الحرب، وعندما وصل خبر الأزدي إلى رسول الله أعد جيشاً يتكوّن من ثلاثة آلاف مقاتل، واعتُبر هذا الجيش من أكبر الجيوش الإسلامية التي لم يُرى مثلها إلا في غزوة الخندق.

فأرسل إلى مؤتة ثلاثة آلاف من المسلمين في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة النبوية ،وأمَّر عليهم زيد بن حارثة ثم قال: ” إن قُتل زيدٌ فجعفر، وإن قُتل جعفرٌ فعبدالله بن رواحة” رواه البخارِي .

فمضى الجيش حتى نزلوا مَعان من أرض الشام، وكانت أخبار هذا الجيش قد وصلت إلى الروم، فجهزوا لملاقاتِه مِئَة ألف، وانضم إليهم مئة ألف أخرى من نصارى العرب، فكانوا مائتي ألف كافر، مقابل ثلاثة آلاف من المسلمين، فالمقارنة بينهما ضرب من ضروب الخيال، والدخول في القتال مجازفة أى مجازفة .

ممّا جعل المسلمين يترددون في ملاقاة عدوهم، ويقيمون ليلتين يفكرون في أمرهم، فقالوا: “نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنُخْبِرُه بعدد عدوّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرجال، وإمَّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له، لكنَّ ابْنَ رواحة قطع تفكيرهم، وشجَّع الناس على المُضِيّ في القتال قائلاً:

يا قوم والله إن التى تكرهون للتي خرجتم تطلبون ، الشهادة، وما نقاتلُ الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلِقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة ، فقال الناس قد والله صدق ابن رواحة ، فمضوا حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى مؤتة، وعبأوا أنفسهم فيها، ثم التحم الفريقان .

وغريب جدا أن ينازل المسلمون عدوهم وهو يزيد عليهم بما يقارب سبعين ضعا، إن المقاييس والحسابات ترفض ذلك، لكن تحطمتِ المقاييس، وألغيت الحسابات ، فالمقاتلون هنا ليسوا كسائر المقاتلين، بل هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم امتلأت قلوبهم إيمانًا ويقينًا، وعلموا أن ما عند الله تعالى حق، فلم يُحجِموا ويعتذروا بكثرة عدوهم وقِلَّتهم، وقوته وضعفهم .

وسمّيت غزوة مؤتة بذلك لأنها وقعت في منطقة في بلاد الشام تعرف باسم مؤتة، أمّا تسميتها بالغزوة، فجميعنا يعلم أن لفظ غزوة يُطلق على المعارك التي شارك بها رسول الله صلوات الله عليه بنفسه لقتال الكفار، أو بإشرافه على المعركة دون أن يكون في الجيش مباشرة، لذا فإطلاق لفظ غزوة على معركة مؤتة أمر صحيح ، وذلك لخروج الجيش بأمر من رسول الله، ولإشرافه عليها.

وقال رسول الله يوصي الجيش: ” أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا، اغزوا باسم الله في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا كبيرا فانيا ولا منعزلا بصومعة ولا تقربوا نخلا ولا تقطعوا شجرا ولا تهدموا بناءً “.

وهذه وصية عظيمة إلى جيش المسلمين قبل مسيره إلى مؤتة لمحاربة الروم، وهي جديرة بأن تتلى مرارا ويتدبرها رؤساء الجيوش في العالم قاطبة ويعملوا بمقتضاها حرفا حرفا إن كان لا مناص عن الحرب ولا مفر منها .

واصطف المسلمون في مؤتة وقد اقتربت ساعة الصفر لأشرس موقعة في تاريخ السيرة النبوية، حيث أمواج بشرية كبيرة من الرومان ونصارى العرب تنساب إلى أرض مؤتة، ورجال كالجبال من المسلمين يقفون ثابتين في وجه أقوى قوة في العالم آنذاك.

وها هي قد ارتفعت صيحات التكبير من المسلمين، وحمل الراية زيد بن حارثة رضي الله عنه، وأعطى إشارة البدء لأصحابه، وقد اندفع كالسهم صوب الجيوش الرومانية، وكان قتالاً لم يشهد المسلمون مثله قبل ذلك.

ارتفع الغبار في أرض المعركة في ثوانٍ معدودات، وما عاد أحد يسمع إلا أصوات السيوف أو صرخات الألم، ولا يتخلل ذلك من الأصوات إلا صيحات تكبير المسلمين، أو بعض الأبيات الشعرية الحماسية التي تدفع المسلمين دفعًا إلى بذل الروح والدماء في سبيل إعلاء كلمة الإسلام.

وقد سالت الدماء غزيرة في أرض مؤتة، وتناثرت الأشلاء في كل مكان، ورأى الجميع الموت مرارًا ومرارًا ، وكانت ملحمة بكل المقاييس، سقط على إثرها أول شهيد للمسلمين، وهو البطل الإسلامي العظيم والقائد المجاهد زيد بن حارثة رضي الله عنه، حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، سقط مُقبِلاً غير مدبر بعد رحلة جهاد طويلة بدأت مع الأيام الأولى لنزول الوحي.

فكان رضي الله عنه من أوائل من أسلم على وجه الأرض، وقد صحب الرسول صلى الله عليه وسلم في كل المواطن، وكان هو الوحيد الذي ذهب معه إلى الطائف، ووالله لكأني أراه وهو يدافع بكل ما أوتي من قوة عن حبيبه صلى الله عليه وسلم حتى شُجّت رأسه، وسالت دماؤه غزيرة رضي الله عنه.

رأيناه في العام السادس من الهجرة يقود السرية تلو السرية في جرأة عجيبة، وكأنه يعد نفسه لهذا اليوم العظيم، يوم أن يلقى ربه شهيدًا مقبلاً غير مدبر ، ولا يبكين أحد على زيد بن حارثة، فهذه أسعد لحظة مرت عليه منذ خلق.

واجتمع المسلمين واصطفوا في مؤتة، وبدء عدد كبير من الرومان ونصارى العرب بالدخول إلى أرض مؤتة، وبدأ المسلمين بالتكبير، وكان زيد بن حارثة يحمل الراية، وأمر أصحابه ببدء القتال، فارتفع الغبار في أرض المعركة ولم يُسمع شيء سوى صوت التكبير وأصوات السيوف، فكانت ملحمةً بكل المقاييس، واستشهد حِب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زيد بن حارثة رضي الله عنه.

وحمل الراية بعد زيد بطل آخر هو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ذلك البطل الشاب المجاهد ابن الأربعين عامًا آنذاك، وقد قضى معظم هذه السنوات الخوالي في الإسلام، حيث أسلم في أوائل أيام الدعوة، وقضى ما يقرب من خمس عشرة سنة في بلاد الحبشة مهاجرًا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثم عاد منها إلى المدينة المنورة في محرم سنة سبع من الهجرة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم حينها في خيبر، فلم يَقَرّ له قرار حتى ذهب ليجاهد معه برغبة حقيقية صادقة في البذل والتضحية.

التعليقات مغلقة.