موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ماذا تعرف عن غزوة مؤته ” الجزء الثانى ” بقلم محمــــد الدكــــرورى

181

ماذا تعرف عن غزوة مؤته ” الجزء الثانى “
بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ثم كانت هذه المعركة الهائلة، وقد حمل الراية بعد سقوط أخيه في الإسلام زيد بن حارثة، وقاتل قتالاً لم يُرَ مثله، وأكثر رضي الله عنه الطعن في الرومان حتى تكالبوا عليه.

وكان رضي الله عنه يحمل راية المسلمين بيمينه فقطعوا يمينه، فحملها بشماله فقطعوا شماله، فحملها رضي الله عنه بعضضيه قبل أن يسقط شهيدًا، ليأخذ الراية من بعده بطل ثالث، هو عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ” وقفت على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددتُ به خمسين، بين طعنةٍ وضربة، ليس منها شيء في دبره” أي: ليس منها شيء في ظهره ، يعني أنه قاتل دائمًا من أمام، لم يفر ولو للحظة واحدة رضي الله عنه.

ومن أرض المعركة إلى الجنة مباشرة، لا يسير فيها، بل يطير بجناحين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” رَأَيْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَلَكًا فِي الْجَنَّةِ، مُضَرَّجَةً قَوَادِمُهُ بِالدِّمَاءِ، يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ” .

وأن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، كان إذا حيا ابن جعفر قال: ” السلام عليك يابن ذي الجناحَيْنِ” فقد أبدل الله جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بدلا من يديه اللتين قطعتا في سبيله بجناحَيْنِ يطير بهما في الجنة.

وحمل الراية بعد جعفر عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، ذلك المجاهد الشاب الذي شارك في كل الغزوات السابقة، وجاهد بسيفه ولسانه، وهو الذي كان يحمِّس المسلمين لأخذ قرار الحرب، وهو الذي كان يتمنى ألاّ يعود إلى المدينة، بل يُقتل شهيدًا في أرض الشام.

وحمل الراية، وقاتل قتالاً عظيمًا مجيدًا حتى قُتل في صدره رضي الله عنه، ما تردد قَطُّ كما أشيع عنه، وكيف يتردد من يدفع الناس دفعًا إلى القتال؟ كيف يتردد من يحمس الناس على طلب الشهادة؟ كيف يتردد من يثق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجعله على قيادة هذا الجيش الكبير؟ كيف يتردد من شهد له صلى الله عليه وسلم أنه شهيد؟ ومن دعا له صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بالثبات؟

وكان يحدِّث نفسه: إن تفعلي كما فعل زيد وجعفر رضي الله عنهما هديت ، وبالفعل كان قتاله شديدًا، وجهاده عظيمًا حتى طعن في صدره رضي الله عنه، وتلقى الدماء بيديه ودلَّك بها وجهه، وأصيب شهيدًا كما ذكر النبى الكريم صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد ، وسقط القادة الثلاثة شهداء ليثبتوا لنا وللجميع أن القيادة مسئولية، وأن الإمارة تكليف وليست تشريفًا، وأن القدوة هي أبلغ وسائل التربية.

وبعد استشهاد البطل العظيم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، حمل الراية الصحابي الجليل ثابت بن أقرم البدريّ ، ممن شهد بدرًا ، رضي الله عنه، فقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم ، فقالوا: أنت تحمل الراية. فقال: ما أنا بفاعل. ثم تقدم إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه، القائد المعجزة، فدفع له الراية، وقال له: أنت أعلم بالقتال مني. فقال خالد وعمره في الإسلام ثلاثة أشهر متواضعًا: أنت أحق بها مني، أنت شهدت بدرًا.

فنادى ثابت: يا معشر المسلمين. فاجتمع الناس على خالد، وأعطوه الراية، فحمل خالد الراية، وجاهد جهادًا عظيمًا يُكفِّر به عن العشرين سنة الماضية ، وهذا أول مواقفه في سبيل الله، ولا بد أن يُرِي الله عز وجل منه بأسًا وقوة وجلدًا وإقدامًا، قاتل خالد بن الوليد كما لم يقاتل من قبلُ، حتى قال “لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية” رواه البخارى .

تسعة أسياف تكسَّرت في يديه رضي الله عنه وهو يحارب الرومان، فتخيل كم من البشر قتل بهذه الأسياف، ومع ذلك فقد استمر في قتاله يُغيِّر سيفًا بعد الآخر، ويقاتل في معركة ضارية، لكنه ثبت ثباتًا عجيبًا، وثبت المسلمون بثباته رضي الله عنه.

وعلى هذا الحال استمر القتال يومًا كاملاً، ما تراجع المسلمون فيه لحظة واحدة، وإنما وقفوا كالسدِّ المنيع أمام طوفان قوات التحالف الرومانية العربية، واستمر الحال على هذا الوضع حتى جنَّ المساء ، ولك أن تتخيل قتالاً منذ الصباح وحتى المساء، وثلاثة آلاف في مقابل مائتي ألف.

ولم يكن من عادة الجيوش في ذلك الوقت أن تقاتل ليلاً، فكان أن تحاجز الفريقان، واستراح الرومان ليلتهم هذه، لكن المسلمين لم يركنوا إلى الراحة، وإنما كانوا في حركة دائبة ، فقد بدأ خالد بن الوليد رضي الله عنه في تنفيذ خُطَّة عبقرية بارعة للوصول بجيشه إلى برِّ الأمان

وكان هدفها إشعار الرومان بأن هناك مددًا كبيرًا قد جاء للمسلمين ، وذلك حتى يتسلل الإحباط إلى داخل جنود الرومان والعرب المتحالفين معهم، فهم أمْسِ كانوا يتقاتلون مع ثلاثة آلاف وقد رأوا منهم ما رأوا، فكيف إذا جاءهم مدد؟

ولتنفيذ هذه الخطة قام خالد بن الوليد رضي الله عنه بالخطوات التالية: وهو جعل الخيل طوال الليل تجري في أرض المعركة لتثيرَ الغبار الكثيف ، فيُخيَّل للرومان أن هناك مددًا قد جاء للمسلمين.

وغَيَّر من ترتيب الجيش، فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة، وجعل المقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة، وحين رأى الرومان هذه الأمور في الصباح، ورأوا الرايات والوجوه والهيئة قد تغيَّرت، أيقنوا أن هناك مددًا قد جاء للمسلمين، فهبطت معنوياتهم تمامًا.

وجعل في خلف الجيش وعلى مسافة بعيدة منه مجموعةً من الجنود المسلمين فوق أحد التلال، منتشرين على مساحة عريضة، ليس لهم من شغل إلا إثارة الغبار لإشعار الرومان بالمدد المستمر الذي يأتي للمسلمين.

وبدأ خالد بن الوليد في اليوم التالي للمعركة بالتراجع التدريجي بجيشه إلى عمق الصحراء، الأمر الذي شعر معه الرومان بأن خالدًا يستدرجهم إلى كمين في الصحراء، فترددوا في متابعته، وقد وقفوا على أرض مؤتة يشاهدون انسحاب خالد، دون أن يجرءوا على مهاجمته أو متابعته.

ونجح مراد خالد بن الوليد رضي الله عنه، وسحب الجيش بكامله إلى عمق الصحراء، ثم بدأ الجيش في رحلة العودة إلى المدينة المنورة سالمًا.

وعلى الرغم من ضراوة هذه المعركة، وكثرة أعداد جيش العدو؛ فإنه لم يستشهد من المسلمين سوى اثْنَي عشر رجلاً فقط، أمَّا العدُو فلم يعرف عدد قتلاهم، غير أن وصف المعركة يدل على كثرتهم، وما انكسرت تسعة أسياف في يد خالد رضي الله عنه عبثًا.

ولقد كان لشهداء مؤتة مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما يسرني أو قال ما يسرهم ، أنهم عندنا” رواه البخاري.

أما أُسرهم ففي كفالة الله تعالى وهو نعم المولى ونعم النصير ، وعن عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما قال: ” جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثٍ من موت جعفر فقال: ” لا تبكوا على أخي بعد اليوم، وادعوا لي بني أخي ” قال عبدالله: “فجيء بنا كأننا أفراخ

فقال: ادعوا لي الحلاق، فجيء بالحلاّق، فحلق رؤوسنا، ثم قال عليه الصلاة والسلام مداعبًا: ” أمَّا مُحمَّد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبدالله فشبيه خَلْقي وخُلُقي “، قال عبدالله: “ثم أخذ بيدي فأشالها” وقال: ” اللهم اخلفْ جعفرًا في أهله، وبارك لعبدالله في صفقة يمينه ” .

قالها ثلاثًا، قال عبدالله: ” فجاءت أمّنا فذكرت له يُتمنا، وجعلت تفْرحُ له”، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ” العيلة تخافين عليهم وأنا وليّهم في الدنيا والآخرة؟ رواه أحمد

واختلفت الروايات في نتائج غزوة مؤتة ، فرأى البعض أن المسلمين انتصروا، والبعض الآخر رأى أن النصر كان للروم، ورأي آخر أن كل فئة انحازت عن الفئة الثانية، أما الذين اعتبروا ذلك هزيمةً فقد استقبلوا الجيش بالصراخ، والرمي بالتراب، فبرأ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المجاهدين في سبيل الله من ذلك، وأثنى عليهم .

التعليقات مغلقة.