ماذا لو انطفأ الشغف بقلم داليا السبع
لطالما شغلتني تعاملاتي وشخصيتي الأخرى! لا تتعجب نعم الكلمات صحيحة والمعنى الذي استقر في عقلك صحيح، تلك الشخصية شديدة النقد قاسية الاحكام تصدر القرارات بالمعاقبة أو الصفح، لها مطلق الحرية في اطلاق المسميات كيفما شاءت بعد دراسة دقيقة لوضعي وعرض حياتي كفواصل أو ومضات أو تحليلها كمن يتعرض بالنقد لنص مسرحي من فصول متعددة أو فيلم سنيمائي طويل كذلك حجم تعاملاتي مع الأخرين، كيفية اختيار الوقت والموضوع المناسب وكيفية اختيار من أتعامل معهم ومن يستوجب الابتعاد عنهم اعتقد أن الكثير سيعقب على كلماتي هذه بأن هذا مايشغلنا جميعا أو مايشغل أغلبنا فما هى أوجه الاختلاف هنا ؟
الاختلافات ليس بالكبيرة إنما هي فوارق شخصية بين شخصية وأخرى وطرق التفكير بينهم وحجم تقبلك شخصيتك بعيوبها قبل ما يميزها كذلك تقبلها للأخر ومعاير التعاملات الإنسانية في حياتنا اليومية، بين من يضيف لك ومن لا يقدم لك من الإضافة شيئاً، ولا نتحدث هنا عن المصالح الشخصية والتعاملات المادية أي تقديم خدمة ما مقابل قدر من المال .
بل أتحدث عن القيمة النفسية والمعنوية التي تشغل من هم مثلي أو من يشبهون شخصيتي في تقيم العلاقات الإنسانية، فالمعيار المعنوي يمثل لدي الجانب الأكبر والمساحة الرحبة أشعر بأن الأمر قد اختلط عليكم ! لا بأس نقطة ومن أول السطر .
لا تخيفني حقيقة الأمور كالتوقف والتعثر والتخبط ولحظات الفشل، لا يزعجني ضياع الفرص والمجهود سدى، لا يزعجني كثيراً ما يراه الأخر من تحقيق نجاحات معينة، أو أن لا شيء هناك في جعبة مشوارك يستحق الإشادة والتقدير، لا تقاس الأمور في عالمي عادة هكذا فما يشغلني أكبر بكثير يصل لدرجة الرعب المسيطر، الحديث هنا عن انطفاء الوميض وضياع الشغف وانكسار بلورة الرغبة، أن تنظر إلى الناس أو الاشياء بتبلد وبرود وكأنك جسد محنط، لا أعد نفسي شخصا عاديا، ولا يشغلني أن يراني الناس بحلة النجاح أو الفشل فمعظم عالمي يدور داخل نفسي ومعاركي أخوضها داخل عقلي وإن كان هناك من ارتضى أن تضيع حياته مقابل الحديد والخشب والحرير والقماش والمال والذهب فأنا لن أفعل ذلك وإن كانت خطتهم تقتضي أن يعملوا كعبيد لأربعين عاما مقابل أن يمضوا شيخوختهم ممططين فقاعات السراب فوق الأرائك فأنا لم أخلق لهذا ولم اسع يوما للحصول على ما يجب الحصول عليه بل ما احب الحصول عليه.
كثيرا ما مررت بحالات من حزن لكن الحزن لم يكن ذلك الكهف الذي اعتكف فيه، بل جسراً اعبره إلى ماسواه، وإن رأيتني في لحظات ما محطمةً فليس معنى ذلك أن البحر الذي بداخلي قد استكان أو أن الريح التي بداخلي قد صمتت، لم يكن الحزن نقيضا للحياة بل جزء منها، هل بإمكاننا أن نستشعر الفرح دون أن نكون على استعداد للبكاء؟ هل يمكننا أن نسعد بمولود جديد دون أن تقبل وفاة عجوز؟ لقد عشت حياتي وأنا ممتطية جواد الشغف والرغبة في تحقيق حلمي، موجهة بصري لا نحو ما أملك، بل نحو مالا أملك حاملة قلق الصيّاد الأبدي في قلبي وعقلي، محدقةً في كل ما أرى ولا يحركني في ذلك كله إلا شغفي بالإنسان والأشياء، لذلك إذا ما رأيتني يوما ما منطفئةً كموقد مهجور أو هادئة ومستكينةً كساعة حائط فلك حين إذن أن تدفنني إن انعدام الاشتهاء عندي هو والموت سواء.
التعليقات مغلقة.