مجرد اقتراح بقلم/فوزية هادي
ما رأيُكَ
لو نتبادلُ بعضَ الأدوار
أن أصحوَ بعدَكَ يوم غدٍ
وتفيقَ مثلي كلّ صباحٍ
قبل الفجرِ
لتفشي للبحر الأسرارْ
ما رأيكَ
لو أشرعتَ الباب على مصراعيهْ
وفتحتَ المذياع على أغنيّةِ
(أُمْ كلثوم)
“أغدًا ألقاك؟”
وتركتَ الريحَ تداعبْ
وجهَ الليلِ
وتحملْ من عينيكَ إليّ
تراتيلَ الأسفار.
ما رأيكَ
لو أخبرتُ أمسي عنكَ
قليلا
فلعلّي
أتخففُ من بعض الزفرات التي
تزدحم بصدري منذ عرفتك
قليلًا
وأراجعُ كلّ قراراتي
وأعدّلُ كلّ كتاباتي
كي أحذفَ
أمسحَ
أحرقَ
أشطبَ
ألغي…
من ذاكرتي
الحرفَ الأول
والصورةْ الأولى
وقصيدتيَ الأولى
وكثيرا من أحلام
الوهمِ
وأقطعَ من حقلي
بعضَ الأشجارْ.
ما رأيكَ
لو تأتين إليّ
قليلًا
كي نجلس بعض الوقت
غريبينْ
جمعتنا الصدفةُ في إحدى الرحلات
وقبل نداء الطيّار
وقبل الاستعداد لربط الأحزمةِ.
قد يحكي كلٌّ قصّته للآخرْ
و(يفضفض)
يُسهبُ في القول.
لا يتركُ سرًّا من أسرارِ
السنواتِ
وآلامِ الليلْ
وشجونِ البُعدِ
وآمال الغدْ.
إلا يحكيهِ
وما أن يُفتحْ بابُ “الطيّارة”.
سيغادر كلٌّ في وجهته
لا يعرف واحدُنا اسمَ الآخر
أو عنوانَ إقامته
أو أين مضى
أو ماذا يعملُ
ثم نعودُ نمارسُ
فِعلَ العيش كما كنّا
لا نخشى أن يفشي واحدنا
سرّ الآخر
أو يخبرَ قصّته للأصحاب
المنتظرين على حرّ الجمرْ
أن يكتشفوا
ما نخفي من أحداثْ
ونُداري من أخبار.
ما رأيكَ
لو ننسى أنّا
جمعتنا الصدفةُ ذات لقاءْ
وتبادلنا يوما بعض النظراتْ
أو بعضَ الهمساتِ
أو الكلماتِ
أو اللمساتْ.
وتبادلْنا من أكوابِ القهوةْ.
بعضَ الرشفاتِ
وننسى أنّا كنّا يومًا
يعرفُ واحدُنا الآخرْ
كي نُكملَ ما قد ظلّ من العُمر
بلا شوقٍ
أو وجدٍ
أو دمعْ.
وبلا ذكرى.
وبلا أشعارْ.
التعليقات مغلقة.