مجلس وداع للكاتب عبدالله عبدالإله باسلامه

مجلس وداع للكاتب عبدالله عبدالإله باسلامه

اليمن / ذمار / 22/مايو/2021م .

حضرت ذات يوم مجلس وداع لي اجتمع فيه أبي، وجدي، وخالي رحمهم الله جميعا.
وكنت على وشك السفر فابتدرني خالي بالنصح قائلا :

يابزي ..
صادق من شئت، وأحبب من شئت، وتعلق بمن شئت واهحر من شئت و متى ماشئت ولكن تذكر ..
لن يبكيك أحد مثل أمك، ولن يذكرك أحد مثل أختك، ولن يفتقدك أحد مثل أبيك، ولن يعتز بك أحد مثل أخيك، ولن يفخر أحد بك مثل إبنك،ووطنك .
عانق يابن أختي من شئت فحضن أمك أروع، وبح همك لمن شئت فقلب أبيك أوعى واسمع، واستغث واستنجد بعد الله بمن شئت ستجد ابوك من بين كل الناس أسبق وأفزع، وصدره لك أرحب وأوسع، فقد بناك و رباك، ووحده من لا يسأم ترميم مابناه إذا تشقق يوما أو تصدع، ووحده من يسعده أن يبقى مظلما لأجل أن تكون أنت البدر والنجم وأزهى من الشمس وألمع .

ثم نظر إلي جدي وقال :
أي بني ..

خير الرجال الوفي القصي الذي ينصف الناس من نفسه أولا ،ثم يستوفي حقه، واحذر التطفيف ولو كان وزن ريش خفيف، واعلم أن تطفيف اللسان مثل تطفيف الميزان هما صنوان للعيب،والنقص في الدين، والمروءة .

واعلم أن أمانات الناس اربع ..مال، وكلام، ونظرة حرام، وكشف مستور جهله الناس أو فضح عيب نسيه الناس وستره الله .

فإذا تهت أو زللت فتب وارجع إلى القرآن، فإن القرآن الكريم مرجع كل مرجع، وافزع إلى الصلاة إن الصلاة مغتسل بارد يطير منه الوهم، ويزيل به الهم والغم ،واستحي أن يكون جوفك من ذكر الله عاقر ،او أن تذكره كي يقال عنك ذاكر ، وتعلم ثم تعلم ثم تعلم حتى تعلم، فمن قال شبعت علما فهو للعلم أحوج واجوع.

ثم تبسم أبي وتناولني بنظرة مشفقة فقال :

يابني ..

الحاجة (هم) وقضاؤها بالدٓين (وهم) فلا تقض الهم بالوهم ، و إذا اضطررت إلى الدٓين فتمهل ولا تتسرع ، فمن لاذ بالدٓين كان له الدٓين مصرع، وإياك إياك تلجأك الحاجة إلى أن تشهر في وجه الله – بالربا – سلاحا، أو تحقق عند البيع باليمين أرباحا .

يابني ..
الزم الصدق تعش غريبا عن غابة الساسة، سالما من غاغة العامة، بعيدا عن النقص، قريبا من الكمال والسمو ، فعندما تسمو النفس تهزم كل شيطان، وسمو النفس بالصدق، والعفاف، والقناعة ، فإذا سمت النفس سلي القلب،
وعندما يسلو القلب يدفن الماضي، ويترك المعاصي،ويترك شأن الناس للناس .

رحم الله أبي وجدي وخالي .