مجنون…للكاتب عبدالله عبدالإله باسلامه
مجنون…للكاتب عبدالله عبدالإله باسلامه
ذمار / اليمن / مايو 2021م .
لوجه الله كنت أذود عنه أولاد الحارة وسفهائها ..الذين لطالما آذوه ، تارة يلاحقونه، وتارة يحذفوه بالحصى ، ويرجمونه بالحجارة، ويشدونه من الخلف، أو يدفعونه ليقع على وجهه ،ويتحلقون حوله ( مجنون..مجنون…….).
وذات مساء فاجأني المجنون يدخل إلى معرضي، مرتديا ملابس جديدة قد حلق ذقنه ، ورجل شعره، وحف شاربه، واغتسل وتطيب..!!
بادرني بالمصافحة مبتسما متهللا نهضت كي اصافحه فجذبني ليقبلني ولولا طاولة المحل لاحتضنني وهتف بحرارة وبصوت أجش :
- جئت أشكرك أخي الكريم .
سألته وأنا منكر معرفتي به :
- عفوا..حياك الله ..لكن من أنت؟!
رد الرجل ببساطة :
- أنا المجنون .
أخذت اتفرس في وجهه وملامحه غير مصدق ما أراه وأسمعه،فقد تغير شكله كثيرا ما خلا ذاك النحول الذي دمغ سحنته، وطوق السواد الذي أطر عينيه :
- وهل تعرفني ؟ أجاب بثقة :
- نعم أعرفك عز المعرفة.
رنت في أذني كلمة (عز المعرفة) فسألته كأنني ادحج نظرية :
- وكيف تعرفني وقد كنت …..
- تبسم الرجل قائلا :
- نعم كنت مجنونا.. والحمد لله قد شفاني الله ،لكني لم أنس من كان يرفق بي ،ويحسن إلي، فأنت كنت تنقذني من أذى الأطفال، واما فلان وفلان فكانا يتعهداني بالماء وبالطعام ، وكذلك فلان كان ممن أحسنوا إلي طوال فترة مرضي، لذلك جئت أشكركم واحدا واحدا .
هز الرجل يدي التي نسيتها في يده وخطر لي سؤال يشبه الفخ :
- إذا كنت لم تنس الذين أحسنوا إليك فهل تتذكر أولئك الذين كانوا….
قاطعني الرجل :
- كلا لا أذكر من كان يؤذيني ،لكني لم أنس من كان يحسن إلي .
ثم تبسم ودعا لي بخير وانصرف …فتركني نهبا لعواطف شتى، فإذا كان المجنون قد جاء ليشكرني لأنه لم ينس من أحسن إليه فكيف برب المجنون؟!!
من يومها وأنا أبحث عن أي مجنون كي أقدم له شيئا ما، وإن لم أجد فعلى الأقل ابتسم في وجهه .
التعليقات مغلقة.