محاكمة التاريخ …أحمد دبيان
محاكمة التاريخ
د.أحمد دبيان
التاريخ بمعطياته ليس ترفاً أو لهواً أو حكايا عن الأميرة ذات الهمة .
وهو تأكيداً ليس سيرة أبو زيد الهلالى أو عنترة ، أو الظاهر بيبرس .
التاريخ ليس السرد الموجه ، ولا يصح اختزال قراءته بروايات ألف ليلة ، او الإلياذة ومصارع هكطور أو أخيل أو باريس .
للتاريخ مناهج عدة فى القراءة ،
فمن بنيوية لتفكيكية لمادية جدلية ، لا يصح ولا يستقيم قراءة التاريخ بتنحيته خارج تفاعلات الجغرافيا والقوى المهيمنة فى حقبة ما .
كذلك من المستحيل قراءة التاريخ دون إدراك فداحة التفاعل الذى أفرزته انحيازات بعينها وتوابعها على الجغرافيا السياسية والإجتماعية لمجتمع ما .
كان أبرز سؤال سألته دوائر صنع القرار ، وضمنهم ابرز منظرى الأمن القومى الأمريكى هنرى كسينجر .
هل يستطيع أنور السادات تفكيك ميراث جمال عبد الناصر ؟
لا يمكن اختزال هذا السؤال أو تجاهله فى معرض قراءة وتحليل أحداث الحقبة تلك وتفاعلاتها السياسية ، ولا يمكن بحال إختزال منظومة الحركة التاريخية وتوابعها التى ألقت بظلالها على أحداث السبعينات والثمانينات والتسعينات مروراً بالألفية وإلى عامنا هذا .
ومع تكريم الكونجرس بتوصيات نائب يهودى صهيونى ، لإسم الرئيس السادات ، لا نستطيع أيضاً تجاهل حركة التاريخ وتوابعه ، أو كما يحلو البعض درءاً لتحطيم صور المخيلات الزائفة أن هذه الشخصية أو تلك قد أفضت الى بارئها فى توثين للفعل بإسباغ القداسة على صاحبه رغم تأثير الفعل على وقتنا ومعاناتنا الحاضرة.
كانت الإجابة فى الدوائر الأمريكية المغلقة وقتها
بلى إن السادات ليستطيع تفكيك ميراث عبد الناصر رغم الصعوبات .
حين يُزعم أحد اليوم أن دولة يوليو لا زالت تحكم او تخرج الشعارات ليسقط حكم العسكر او احتلال ستين عاماً ، فى إختزال مروع موجه ، لدمج فترات كان النظام السياسى والإجتماعى فيها على طرفى نقيض فنحن هنا نتعرض لهجوم ممنهج لإختزال التاريخ بماديته الجدلية او البنيوية او حتى إنصافه بتفكيكه طبقاً للتفاعلات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية .
محاكمة التاريخ تقتضى تبيان نتائج النظام السياسى الإجتماعى الإقتصادى لثورة ٢٣ يوليو ، ومقارنة آثارها بآثار نقيضها الذى بدأ مع الثورة المضادة يوم ١٥ مايو ١٩٧١ والذى لا زال يحكم حتى اليوم .
المحاكمة السياسية فرض عين لقراءة التاريخ ونتائجه ،
وكما دارت المناقشات فى دوائر صنع القرار الأمريكى الباحث عن مصالحه المضادة لمصالح الأمن القومى المصرى ومع وجود الجراحة الاستيطانية القسرية فى فلسطين بمسمى إسرائيل ،
هل يستطيع السادات تفكيك ميراث جمال عبد الناصر ؟!
هل يحق لمصر الحرة المستقلة صاحبة القرار والإرادة طرح هذا التساؤل :
هل نستطيع تفكيك ميراث السادات ؟!!!
التعليقات مغلقة.