مخاض الذات
دلال اديب
لم تكترث يوماً لتلك الشعرات البيضاء التي غطت رأسها؛ولا لتلك الخطوط التي ارتسمت على جبينها..لم تنتبه يوماً لسرعة أيامها ولا للزمن الذي مضى سريعاً..
أصعب اللحظات هي أن تشعر أنك على قيد الموت .ومن المؤلم ان تمضي حياتك كذلك تقبع في كهف الحياة فلاأنت حي ولاأنت ميت..تمر عليك لحظات تتمنى الموت لكن هناك مايشدك ويبقيك صامداً ولاتعرف متى تأتي لحظة الانهيار….
مرت السنين والايام وضاعت تائهة بين هموم الحياة ومشاكل الاولاد..هذا يريد وذاك يطلب وتلك تنادي :ماما أين أشيائي..
والاب لوحده موسوعة من الطلبات التي لاتنتهي الا بنومه
وهي عليها أن تلبي دون أن تعترض..تتأرجح بينهم وكأنها تلك اللعبة التي وضعوا لها نابضاً لترقص ..لم تكن ترقص طرباً وانما لتركض ذهاباً واياباً لتلبية الطلبات..
صامته،هادئه،مبتسمة كعادتها وفي القلب وجع لايهدأ ..وجع لايمكنها البوح به..وان ارادت أن تبوح به من سيسمع
ومن سيتخلى عن أنانيته
وهل سيقولون لها هيا ارتاحي يكفيك نضالا
كان ذلك أمراً مستحيلا..حتى جاء يوما وفي صحوة وصراع مع ذاتها قررت أن تضع نقطة لكل ماهي فيه من معاناة..
شيء ما تحرك في داخلها …
صوت يصرخ،أرقها علوه،أيقظها من غفلتها؛نبهها لتلك النفس التي ظلمتها طيلة السنين خاطبها وبعنف:هيا تحركي،تمردي،تحرري من ذاتك وكفاك اهمالا لنفسك. مضى عمرك معهم ولأجلهم وانت.. ماذا خبأت لذاتك
انتبهي جيدا لأمر تجهلينه الحياة والاولاد لن يعطوك شيء تعودواح الأخذ منك وان لم تتغيري فلن تحصلي على أقل ماترغبين به وهو بأبسط العبارات أن ترتاحي….
أصغت جيداً لذلك الصوت الداخلي وحدثت نفسها قائلة:
آه كم أتمنى ذلك…
كم أشتهي تحرراً؛تمرداً؛تخلصاً من كل القيود…
كم أشتهي نوماً هادئاً دون ثرثرة عقلي وبعثرة نبضي..
ليلا هادئا وأحلاما تعيد لحياتي مافقدته ولروحي ماأضاعته..
واستسلمت لنوم هادئ ولاول مرة يحدث ذلك وصباحاً استيقظت على شيء جديد،
شيء حركها،منحها همة ونشاط فلم تشعر بالتعب كما كانت في باقي الايام..لم تتألم لانها حزينه
ولم تفرح لانها سعيدة لكن أحست ان مشاعرها أخذت معنى اخر أكثر اضطرابا،مشاعر هزتها من الداخل وغيرتها انه مخاض الذات..نعم هو مخاض ولدت فيه من جديد وكان لابد أن يحدث ليعيد لها توازنها،وليعيدها للحياة ولكن بشكل وقالب اخر..ولتبدو أكثر قوة وتماسكاً وعرفت ان الحياة ليست حكراً على من حولها والاخرين وأنما لنفسها عليها حق..
عندها شعرت بحلاوة الحياة ومضت في طريق مليء بالنجاحات
.
التعليقات مغلقة.