مدينة سعودية…
د. ابراهيم مصري النهر
مدينة سعودية
أبهرتني بشوارعها الواسعة والنظيفة، فسلّات وصناديق جمع القمامة على مسافات متقاربة، مما يساعدك على عدم إلقاء المخلفات في الشارع.
أدهشني احترام إشارات المرور على الرغم من عدم وجود شرطي مرور يسجل المخالفات، ما أراه إلا سلوكا حضاريا نابعا من ثقافة المواطنين وليس مفروضا عليهم بسوط الغرامة وسحب الرخصة من الشرطة.
لا ترى باعة جائلين يعوقون حركة المرور إلا بائعي الحبحب عند أبواب المساجد بعد صلاة الجمعة، لكنهم يتخذون أماكن لا تؤثر على حركة الشارع.
المرور في الشوارع الفرعية داخل المدينة في إتجاه واحد، والشوارع مقسمة بالتبادل شارع ذهاب وآخر إياب.
لا تجد توكتوك أو عربة يجرها حمار تباغتك وتعكر عليك صفوك، الشوارع مرصوفة فلا تجد شارعا مكسرا أو بلاعة مكشوفة، أو سيارة نفاثة تزكم الأنوف وتسمم الدم وتجلب الأمراض، ورش الحدادة والسمكرة لها مدينة خاصة بها، لا ترى شاحنات داخل المدينة.
لم أشهد في هذه المدينة الحضارية شجارا خلال الفترة التي مكثتها فيها، أذكر في يوم أثناء عودتي من الدوام اصطدمت سيارتان ببعضهما؛ توقفت لأرى ردة فعل السائقين، وخصوصا أن كلا منهما نزل بسرعة واتجه ناحية الآخر، وكانت المفاجأة على عكس ما توقعت، فكل منهما نزل ليطمئن على الآخر، ولم ينظر أيّا منهما إلى سيارته وما حدث فيها من تلف.
بها أكبر مولات للتسوق كالراشد وهيبربندا والمزرعة واللولو والتميمي والرحماني والقرعاوي وغيرها.
ولا يفوتني أن أرفع القبعة لرجال الشرطة، هم فعلا في خدمة المواطن، ففي وقت متأخر ذات ليلة تعطلت سيارتي على تخوم المدينة؛ وجدتهم يقفون على رأسي ويعرضون عليّ المساعدة، ولم يتركوني حتي أصلحوا السيارة.
يطبقون روح القانون وليس نصه، فاللافتات على جانبي الطريق تحذرك من زيادة السرعة، من أجل سلامتك لا من أجل أن تفاجأ بكمين وتدفع الغرامة.
ذهبت لامتحان القيادة لاستخراج رخصة سياقة، وجدته إمتحانا سهلا لا تعقيد فيه ولا رشوة، من يعرف السير بالسيارة ثم في نهاية الطريق المحدد يركنها (التلبيقة) يأخذ الرخصة.
ما تظنه حلما تحققه في هذه البلاد في أشهر معدودة، براتب ثلاثة شهور فقط تحج وتعتمر وتشتري سيارة وتدخر ما تبقى.
لو عندك مظلمة يمكنك مقابلة أمير المنطقة ومصافحته وعرضها عليه مشافهة وجها لوجه، ويساعدك إن لم تكن تتعارض مع القانون، وذلك بعد أن تتناول واجب الضيافة ”القهوة السعودي“.
ولكن كل هذا الجمال والسلوك الحضاري لن يمنعني أن أُنوّه إلى بعض الهنات، والقليل من السلبيات، في صورة سلوكيات فردية من بعض السعوديين، مخافة أن تطغى وتستفحل وتتجذر ويصعب التخلص منها والقضاء عليها؛ كمناداتهم المغتربين من جنسيات معينة من العرب ومغتربي جنوب شرق آسيا ب”محمد“ بإسلوب يشي بالسخرية وينم عن الإحتقار والإزدراء، وهذا كبر أعاذنا الله منه، والطامة الكبرى أن يكون باسم محمد.
ومن السلبيات التى تؤخذ عليهم أيضا؛ الرفاهية الزائدة عن الحد لشباب غير واعٍ وغير مقدر لما هو فيه من نعمة، شباب لا يسعى إلى العلم والتعليم، فالسواد الأعظم من الشباب يعمل ک (أمن).. وعتبي عليهم من باب الخوف أن تكون رفاهية مؤقتة تنتهي بنفاد البترول.
والآن أزف إليكم اسمها إنها ”مدينة الخُبَر“ عروس الخليج العربي بلا منازع، بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
د. ابراهيم مصري النهر
التعليقات مغلقة.