مرارة الفقد بقلم: حاتم السيد مصيلحي
الفقد أمر حادث في دنيا الناس، إما لأسباب علوية سماوية لا دخل للإنسان فيها، كالموت والفناء، وفيها ينفصل الفقيد إنفصالا نهائيا عن أهله وأصدقائه ومحبيه، تاركا لوعة الفراق تطفؤها عبرات الذكرى، وتسكنها شواهد الأثر النافع، وصالح الدعاء. أو لأسباب دنيوية أرضية، تخضع لتقلبات قلبية، “فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها أنَّا شاء” فيحول القلب وجهته إلى حيث يميل، ويحيد عن القصد فيفقد حبيبا أو عزيزا ناسيا أو متناسيا ما كان بينهما من فضل، أو أصل وفصل.. وقد يصلح الله ميله، ويعيده إلى صوابه واعتداله، أو يظل على ميله فيكون الفقد أبديا كفقد الأموات.. وقد يكون الفقد لأسباب حياتية كالضرب في الأرض بحثا عن رزق أو ما شابه، ولكن الأمل يظل نقطة تلاقي الشتيتين.
ولله در الشاعر القائل:
قد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
إن مرارة فقد الأحياء أشد قسوة من مرارة فقد الأموات، فالأولى تظل مرارتها عالقة في الحلق مادامت الحياة، أما الأخرى فتزول بمرور الوقت، وبما كفلته الحياة من نسيان يبددها.
التعليقات مغلقة.