مرارة فنجان
بقلم رشيد الموذن
رفع يديه من على المنضدة .اطبق بهما راسه .ثم وضعها مرة أخرى . حدق بعينيه في الوجوه الماثلة امامه .تحسسها بنظرة فاحصة كسر الصمت بكلمات اهتزت لها اركان المقهى خيل اليه ان للارض رجة وفي نفس الوقت أخذت تتراكض في راسه افكار لا امس لها ولا غد . ذكريات يجترها بلا ملل بسرعة خاطفة إلى ان داهمته حيرة مؤلمة كاد ان يضحك . فمن الهم ما أضحك . ومن الفرح ما ابكى .تجري الايام وراء بعضها كأنها في سباق محموم دون نهاية ولا حساب لها في حياته .جنون .تجمد .فتعفن كالمياه الراكدة في مستنقع . حين ترجح كفة الحزن يطفح الحزن بلا نهاية ..لكنه في آخر المطاف يحس كأن المسامير الصدئة التي عكرت صفو فؤاده تزاح بعناء شديد .تنتزع بكل قوة . لتفرغ وتلقى على الجدار دون أن يهتم هو بشئ وكانه لم يكن قط او ولد من جديد . فقد عاد له التيار الذي انفصل منه بسبب رياح عاتية ظلت تلازمه كم كان يتمنى لو لم ينفلت منه ..رشف ما تبقى من كوب القهوة وشفتاه ترتعش كارتعاش شفتا عطشان تلامس حافة كأس الماء .وانامله تأخد الهاتف بطريقة غريبة مجردة من كل علاقة لا يمكن ان نقول عنها الا شعور عاطفي قوي اقوى وأعذب من كل علاقة اخوية . اقترب بخطوات نحو الباب مبددا الصمت الثقيل في راسه بكلمات للنادل ..اراك لا حقا ..وصوت رنين يكسر صمت الغصة العميقة بداخله ..
ثم سقطت من شفتيه حروف مبللة في هوة الدرج . اواه … هاتف من رحم الحقيقة لابد ان يكون ثائرا يسير بك الى المجد او الى الحضيض …
التعليقات مغلقة.