مستقبل السعادة….بقلم هنا سعد
نبحث عن السعادة فى الأشياء التى لانملكها ونعلقها على مفقود لا نعلم أبعاده او على مستقبل مجهول غير موقنين بأننا سنعيشه وكأنها عملة مفقودة
ننظر إلى السعادة على انها ذلك الشئ بعيد المنال،ذلك الحظ الغيبى الذى لم ندركه بعد تلك الضآلة المنشودة او السراب الذى نلاحقه دومًا فيهرب منا ولا نجده مطلقا وكأنها الوهم الذى خُدعنا به
فنقسم بالله أننا لم نرى يوما سعادة قط
…………..
الآن عد بالذاكرة إلى أيام طفولتك وتذّكر أحداثها ورفاق الدراسة وإخوانك ومنزل الأسرة وتجمع الإخوان والوالدين وعودتك متلهفًا إلى المنزل واللعب والمرح وعدم الاكتراث بمسؤوليةً ما سوى غسل أسنانك او كوب اللبن المسائي المجبر على تناوله
يالها من أيام جميلة ولقطات يملؤها الشوق وأحداث دافئة بريئة تشعرنا بالسعادة الغامرة
رغم بساطة تفاصيلها
تذّكر أيضًا انك فى ذلك الحين لم تكن تشعر بأية سعادة وقتها بل كنت تتمنى أن تصبح اكبر سناً لتتمتع باستقلالية الكبار وتحقق أحلامك وعلقت سعادتك على هذا الحدث المستقبلي وقررت ان تنتظر لسن ما لتعثر على ضالتك المنشودة
كنت وقتها تشعر بأن مسافة كبيرة أو زمن يفصلك عن سعادتك هذه المسافة أوالزمن هو (المستقبل)
الآن وقد أصبحت أكبر قليلا ووصلت إلى مرحلة المراهقة أخذت بعض الامتيازات وشعرت بأن من حقك إختيار أصدقائك ولك ذوقك المميز فى إختيار ملابسك تستطيع رفض كوب اللبن وأن تنام دون ان تؤمر بغسل قدميك ومصرفك زاد ولك جزء من الحرية لا بأس به اكثر من الطفل الذى كان يؤرقك صغر سنه وحداثة تفكيره
فهل شعرت بالسعادة التى كنت تربطها برباط وثيق بهذه الأشياء ؟؟؟؟؟؟؟
مازلت ترى أن السعادة لم تأتى بعد ومازلت تحتاج إلى حريات أكبر وانطلاق غير محدود وحقوق غير مسبوقه إنها حقاً لم تأتى لأن هذه الأشياء التى تنشدها لم تكتمل فى وقتك الحاضر وتحتاج لمزيد من الوقت الإضافي
أصبحت بالمرحلة الجامعية :الانطلاق اللامحدود والحرية التامة والميزانية المحترمة والتصرفات الغير منتقدة غالباً والسهر والرحلات فأنت على مشارف النضج هل شعرت إذن بالسعادة ؟؟
أسمعك تقول لا لم أصادفها بعد وهذا لأنك لم تحقق ما ترجوه ؛ والآن لديك رغبات أخرى ومتطلبات أكبر من تلك المطالب التى اصبحت تراها هشه صغيرة
تخرجت من الجامعة ونضجت وسعيت لفرصة عمل لها مواصفات جيدة وبأجر مجزى فلمَ لم تشعر بالسعادة؟؟؟؟
وتنتظر الوقت الآخر المناسب لتشعر فيه بكامل سعادتك عندما تتحق غاية أمانيك المستقبلية (حرية ،مال ،زوجة كما تتمنى ،ابناء مطيعون بارُّون إناث وذكور ، متفوقون، منصب ،سلطة ،جاه ، راحة بال ،صحة ، ثروة، بركة فى الوالدين ، حياة بلامنغصات ، عمر مديد ،أهل محبون، أصدقاء متفانين،زملاء عمل مخلصين ….)
اذكّرك أنت على الأرض يا صديقى لم ندخل الجنة بعد
أسمعك الان تردد ياليتنى عدت صغيرًا ليس لدى مسؤليات ولا ما يشغل تفكيرى العب وآكل وأنام وحسب
حقاً انها كانت سعادة غامرة لكنك لم تشعر بلذتها أضعتها وتركتها تمضى وسط ضجيج الأماني وزحمة التطلعات وفوضى التلصص على المستقبل لم تعيش (حاضرك السعيد) الذى كان يمتلئ بتفاصيل مبهجة وأحداث جميلة ونعم تغمرك
قمت بكتابة سؤال فى بطاقة ومررته على العشرات من الأفراد كان نَصَه:-
أذكر أكثر فترة زمنية شعرت فيها بالسعادة وتعدها من أفضل فترات حياتك وتتمنى لو تعيشها مرة أخرى ؟؟؟؟؟؟؟
الاختلاف سنة الحياة ولكنى وجدت أن الإجابات كلها متطابقة تمامًاومضمونها واحد وهو أن أفضل فترة هى الفترة (السابقة) او المرحلة المنقضية
فإن كان الشخص بالمرحلة الإعدادية ذكر أنها(الطفولة) وأن كان بالمرحلة الثانوية ذكر أنها المرحلة (الإعدادية)وإن كان بالمرحلة الجامعية ذكر أنه(الثانوية)وهكذا …………..
أى أن الماضى فى قناعاتهم كان أفضل رغم انهم لم يكونوا يدركوا ذلك وقتها
لاحظ أنك فى كل مجلس تذكر أن (زماااااان كانت الدنيا جميلة)وأن الزمن المنقضى كان أفضل من الحاضر وأن الخير كان أوفر وكانت الضحكات رنانة من القلب
فى حين أنك لم تكن تشعرها او تدركها بهذا الجمال وقتها
المشكلة كانت فى رؤيتك أنت ؛ وسقف طموحاتك أنت ؛ وتطلعاتك أنت ؛ وإدراكك أنت .وفكرك أنت
الجميع يرى /أن السعادة مستقبل لم يأت
ولكنها فى الحقيقة هى/حاضراً لم يُعاش
صدق هذا أو لا تصدقه إذا كنت ترغب فى استحضارها فعليك ان تركز فى يومك وتنتهز كل فرصة وكل موقف بسيط وكل نعمة منسية لتسعد بها
استيقاظك فى الصباح معناه انك مُنحت يوماً جديدا لتعيشه ووقتاً اضافياً فى حين أن غيرك فقد حياته وبدأ حسابه إما جنةً اوناراً (سعادة الحياة)
أن ترى النور يملأ المكان صباحاًوتتنفس هواءاً يملأ رئتيك ويغذى عقلك(سعادة النور وأنفاس الصباح)
أن تنجز عملًا ما كان متوقفًا او مستعصيًا (سعادة الإنجاز)
أن توهب أصدقاء وابناء وأخوة وأسرة (سعادة العزوة)،(وسعادة الانتماء)
ان تذاكر دروسك وتنجح وتنتقل إلى سنة دراسية أخرى (سعادة النجاح )
أن يكون لديك وظيفة ولو بسيطة تسد إحتياجاتك وتغنيك عن سؤال الغير (سعادة الاستغناء)،(والغنى)
أن تتمكن من ان تثبت أحقيتك فى شئ ما منزل او عمل او نقود (سعادة التمكين)
وغيرها من ألوان وأصناف المواقف والأحداث التى نعيشها الآن فى حاضرنا كل لحظة مفعمة بالسعادة لكننا لم ندرك مابها من نعم ومميزات لم نكتنزها وأضعناها دون ان نشعر متطلعين إلى مستقبل لم يأت بعد
جميل أن يكون عندك أمل أن الأفضل آت ولكن يوجد الآن أشياء فضلى يمكن أن نمتن لها أيضاً
صدقني مهما كانت قسوة حياتك فهناك من يراك فى نعمة لاتوصف ومهما كانت عذاباتك فهى أيسر من خروج الروح والحساب والعقاب
فعش حاضرك ناظراً للإيجابيات ومحدِّثاً بالنعم وراضياً بالمقدرات كلها
(إذا رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك)
ولن تحظى براحة القلب إلاباستشعار النعم فى وقت حدوثها وإلا كان مستقبل سعادتك فى خطر
عزيزي مازلنا فى الدار الدنيا لم ندخل الجنة بعد نحن فى دار اختبار والسعادة التامة غير المنقوصة هناك فى جنة عرضها السماوات والأرض وما دمنا على الأرض فلديك جزًا من أجزاء السعادة متسع باتساع الأرض التى تعيش عليها وممتد بامتداد حياتك
استمتع بما أنت عليه وبما مُنحت من الفرص وسلح نفسك بكل الإمكانات المتاحة لديك تكن قادرًا على التصدي للتحديات التى قد تسلبك جزءاً من سعادتك دون أن تدرى.
لاتتطلع إلى ماليس لك ،أسعى بثبات ،وانتقل من مرحلة لأخرى بخطىً واثقة،وانجز باجتهاد، وتيقن ان الخير آت واشعر بحاضر السعادة قبل ان تصل إلى اخر يوم من حياتك فتندم على مافات من حاضراً كان حقًا سعيداً
السعادة فى المستقبل تتطلب أن تستشعر سعادة الحاضر اولاً
سفيرة السعادة
هنا سعد
التعليقات مغلقة.