بهدوء : مصر وبريكس ونظام عالمي جديد
بقلم / عصام القيسي
من الواضح والملموس أن مصر تسير وفق خطط تنموية غير مسبوقة منذ اطلاق رؤية مصر 2030 والتي اطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي شتاء عام 2016 وتسير مصر على نهجها في كافة المجالات الاقتصادية والتنموية والعسكرية والسياسية .
وبروز مصر كدولة محورية في النظام العالمي تمثل ثقلاً في الميزان العالمي اصبح واضحاً ودعوة مصر والامارات والسعودية لدخول تكتل ” بركس ” يبدو اننا على اعتاب نظام عالمي اقتصادي جديد خاصة بعد أزمة كورونا العالمية والحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها .
ما هو تكتل بريكس؟ BRICS
بريكس هو اختصار للحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة المكونة للمنظمة وهي: ( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا )
عقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة في، روسيا في يونيو/حزيران 2009، حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية، ويعد التكتل صاحب أسرع نمو اقتصادي في العالم، حيث تسهم دول “بريكس” بنحو 22% من إجمالي الناتج العالمي، وتحتل قرابة 26% من مساحة الأراضي في العالم.
منذ 2009، ومنذ تدشين التكتل تسعى الصين إلى تطوير نموذج اقتصادي جديد ينهي هيمنة القطب الواحد، ويفتح الباب أمام استراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب.
وفي خضم التحولات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، تحاول بكين توسيع قاعدة هذا التكتل الاقتصادي، عبر توجيه الدعوة إلى عدة دول من بينها السعودية ومصر والإمارات للانضمام إلى مجموعة البريكس، وشغر مكانة مميزة بداخله.
الخطوة الصينية أثارت الكثير من التساؤلات حول ماهية مجموعة البريكس، وأهميتها في الوقت الراهن، والأسباب التي دفعتها لتوجيه هذه الدعوة لهذه البلدان، لا سيما مصر والسعودية، وعن فوائد هذا الانضمام سواء للتكتل أو للدول أنفسها؟
اهداف التوسع وضم دول جديدة للتكتل
اقترحت الصين بدء عملية توسيع مجموعة “بريكس”، حيث انضم إلى مشاورات “بريكس بلس” ممثلون عن الأرجنتين ومصر وإندونيسيا وكازاخستان ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والسنغال وتايلاند، وهي الدول التي تعتبر أعضاء محتملين في “بريكس”.
ترأس عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي جلسة حوار عبر تقنية الفيديو بين وزراء خارجية دول بريكس واقتصادات السوق الناشئة والدول النامية، ولفت وانغ إلى أن الحوار له أهمية كبيرة في تعزيز التعاون بين دول بريكس واقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى .
وأكد وانغ أهمية التمسك بالتعددية الحقيقية وأساسها هو التمسك بالمشاورات المكثفة والمساهمة المشتركة والمنافع المشتركة وتدعيم الانفتاح والشمول ومعارضة الانغلاق والإقصاء، ودعا إلى التمسك بقوة بالنظام الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة، ومعارضة تشكيل “تكتلات صغيرة” وإجبار البلدان الأخرى على اختيار طرف معين، مضيفا أن الصين تعتزم زيادة الاستثمار في التعاون في مجال التنمية والعمل مع الدول الأخرى للمضي قدما في تطبيق مبادرة التنمية العالمية وجعل إنجازات التنمية تعود بالنفع على عدد أكبر من الدول النامية.
مصر وبريكس
يعتقد خبراء الاقتصاد : إن تحالف البريكس اتحاد لقوى ناشئة صاعدة بقوة يضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهي القوة الخاصة بالأسواق الناشئة التي تحققق أعلى معدلات نمو حيث تمثل هذه الدول 40% من سكان العالم، وأسواقها ذات أوضاع قوية جدا على معدلات النمو العالمية.
وهذه الدول عقدت اتفاقات فيما بينها داخل التكتل، تتعلق بالإنجازات الداخلية، وتكوين احتياطيات لمعالجة مشكلة السيولة، ووضع خاص في بنك تنمية جديد، وبعض الأفكار لكيفية مواجهة الأزمات التي تحدث من خلال هذه الاقتصاديات التي تعتبر الأكثر والأسرع نموا في العالم.
وفكرة انضمام مصر للتحالف جيدة للغاية، وتدل على أن مصر من ضمن الاقتصاديات المرشحة لتحقيق معدلات نمو بشكل كبير، وهي شهادة لرؤية الصين واتحاد البريكس كمؤسسة للدولة المصرية واقتصادها في هذه المرحلة.
البعد السياسي
هناك بعدًا سياسًا من هذا التحالف، يتعلق بفكرة تكوين نموذج اقتصادي جديد، متعدد الأقطاب، بعيدًا عن هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يكون بداخلها بعض النواحي السياسية لا سيما في ظل وجود روسيا والصين، في محاولة تكوين استراتيجية اقتصادية جديدة تتعدد فيها الأقطاب بدلا من القطب الواحد.
استفادة التكتل من انضمام مصر
العالم يعيش الآن مرحلة التكتلات بين الدول التي تجمعها المصالح المشتركة والقوية والمؤثرة في محيطها الإقليمي، والولايات المتحدة الأمريكية شريكة في العديد من التكتلات مع دول بعيدة عن جغرافيتها مثل إنجلترا وأستراليا، وكذلك الهند، وهو الأمر الذي دفع الصين للتفكير في خلق تكتلات اقتصادية وسياسية وازنة.
الصين تعلم جيدًا أن ضم مصر والسعودية ودول الخليج لهذا التكتل يضيف له قوة كبيرة، من حيث قوة التأثير في أسواق النفط والغاز العالمية، وقوة الموقع الاستراتيجي، في المقابل يسمح التكتل لهذه الدول بالاستفادة اقتصاديًا واستثماريًا، ويصبح قوة مساندة للدول الأعضاء على النطاق الدولي والإقليمي.
التكتل يعلم قوة هذه الدول، فمصر دولة اتزان في المنطقة، دولة لها صوت مهم في آليات الحرب والسلم الموجودة، وقطب من أقطاب الشرق الأوسط وتملك جيشًا قويًا، وتعد ساحة جيدة لتسويق المنتجات (100 مليون نسمة)، كما أنها منطقة جاذبة للاستثمار، وسوق واعدة، أما المملكة العربية السعودية تمثل ثلث دول الأوبك، وأكبر الدول المؤثرة في أسعار النفط العالمية، والصين تعد من أكبر مستوردي العالم للنفط والغاز.
سياسة مصر المتوازنة
هذا التكتل من الممكن أن يقدم خدمات وفرصا استثمارية كبيرة لمصر، ويتم دراسة الأهداف من وراء محاولة الانضمام للنظام، في ظل التوازنات التي تصنع على المستوى الدولي والإقليمي وعلاقات مصر الاستراتيجية بالولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي فضلاً عن دور مصر وريادتها للقرن الافريقي .
عصام القيسي – القاهرة – 13 يونيو حزيران 2022
التعليقات مغلقة.