مصيرنا واحد أو هكذا يجب أن يكون … حسين الجندى
مصيرنا واحد أو هكذا يجب أن يكون …
حسين الجندى
مقالات بسن القلم :
مصيرنا واحد أو هكذا يجب أن يكون … حسين الحندى
عندما تحدث مصيبة عند أحدنا فالكل بمختلف طوائفه وثقافاته ستكون أول ردة فعل له هي أنه سيحاول بشتى الطرق التخفيف عنه مصابه…
وكلٌ على حسب درجة تأثره وطريقة تعبيره…
وتلك الطرق برغم اختلافها لكنها عند البعض لا تتعدَّى المواساة باللسان وربما أخذت شكل البكاء أو النحيب…
ولكن يوجد أشخاص تكون لديهم نظرة أبعد من ذلك…
وهؤلاء ربما تكون مشاعرهم الخارجية أقل حدة وظهورا…
لماذا؟!
لأنهم يتعاملون مع المصيبة بشكل عملي…
كيف؟
هؤلاء يفكرون بواقعية في كيفية مساعدة صاحب الابتلاء…
يفكرون في تدبير المال اللازم له…
يفكرون في ترتيب أجازة له لانشغاله بمصابه عن الذهاب للعمل…
يفكرون في تجهيز الطعام له ولأهله…
يفكرون في كيفية رعاية أولاده وتوفير احتياجاتهم…
الخ…
ومثل هؤلاء في غاية الأهمية لأنهم يعملون بواقعية…
وإن كان هذا لا يقلل من دور الآخرين فهم على الأقل يُأَمِّنُون لصاحب المصيبة الجانب العاطفي الهام له للغاية في هذا التوقيت …
هذا إذا كانت المصيبة خاصة…
ولكن!!!
إذا كانت المصيبة عامة والكل أو الغالبية في الهم والغم سواااء…
فالوضع هنا مختلف…
لأن ردة الفعل تختلف على حسب درجة إحساس الشخص بالمصيبة…
فهناك من يعتبرها كارثة لا نجاة منها…
وهناك من يعتبرها أمرا يثير الغضب والحزن…
والبعض قد تُقْلِق حياته لبعض الوقت…
والبعض الآخر لا يكترث لأن آثار تلك المصيبة لا تمسه ولو في الوقت الحالي…
ولكي نكون واقعيين…
لن يشعر بالظمأ إلا من فقد الماء… ولن يشعر بالجوع إلا من عزَّ عليه الطعام…
ولن يشعر بالألم إلا من لا يزال عنده بصيص إحساس…
إذن لا تدهش إذا وجدت البعض يرقص على الأشلاء والجثث…
ومِن ثَمَّ فلا طائل من انتظار الخير ممن لا يملكه…
ولا فائدة من تَوَسُّم النفع ممن تعود ألَّا ينفع إلا نفسه…
وعلى هذا يا سادة :
يا من تشعرون بالألم والوجع ويحيط بكم القرف والضجر ويغلفكم الإحباط والقنوط مِنْ وَسَع…
لابد أن تختاروا:
فالغوغائيون:
سيختارون النواح والعويل والصويت…
ولطم الوجوه وشق الجيوب…
ثم الدخول في نوبة إغماء طالت أو قصرت وبعدها تحدث الإفاقة وللأسف لم يغير كل ما سبق من الواقع المرير الذي بالنفس والجسد لحق…
أما العاقلون:
فسيختارون أن يأخذوا نفسا عميقا يسمح للعقل بالتفكير وتقليب الأمور…
وبعدها إعادة النظر في المشكلة وتقليبها على كل وجه ممكن…
ومن المؤكد أن النتائج الحاصلة من هذا النهج ستكون واقعية منطقية…
ليس شرطا أن تكون مضمونة فلا شيئا مضمونة نتائجه فما علينا إلا السعي وليس علينا إدراك النجاح…
وهذا النهج سيحقق البناء والارتقاء بعد الانسحاق والارتخاء…
أما الغوغائية فهي سهلة مريحة لكنها نمط السطحيين الجهلاء…
ولكن هنا لابد أن نقف وقفة نظام:
إن ما بين خيار الغوغائية وخيار العقلانية نقطة التقاء بين الفريقين والغريب أنها نقطة فارقة شديدة الأهمية…
وتكمن أهميتها في كونها لا يختلف عليها اثنان عاقلان أو حتى شبه عاقلين…
وهي أن المصائب العامة تكون آثارها أكثر فداحة عندما يجد العامة أن هناك فئة خاصة تعيش في رغد ونعيم ورفاهية وبذخ وكل مظاهر الاستفزاز الاجتماعي برغم أنهم شركاء المصير أو هكذا يجب أن يكونوا!!!
هنا يجد العامة أنفسهم غير قادرين علي مواجهة المصيبة أو المصائب التَّتْرا المتعاقبة بإخلاص…
بل ويسعي بعضهم من ضعاف النفوس أن يلحق بالفئة الخاصة ويعيش في حظيرتهم ويتمرغ ولو حتي في فَضَلاتهم…
وشعارهم الدنيء وقتها:
(إن جاءك الطوفان ضع ابنك تحت رجليك…)
حتي العقلاء ورمانة الميزان لا يستطيعون العيش ولا حتى النصح…
فكيف يفيد النصح في غياب المساواة في أبسط الحقوق الإنسانية…
فالمركب عندما توشك على الغرق لا يفرق فريق الإنقاذ فيها بين شخص وآخر بل يُعَامِلون الجميع علي أنهم بشر وأرواح…
وإن حدث غير ذلك يُكْتَب الغرق على الجميع…
هكذا تقول منظومة العدل…
لن يستقيم الأمر إلا بأن يصل للجميع رسالة واقعية عملية حقيقية مفادها:
نحن كلنا في مركب واحد ومصيرنا واحد.
التعليقات مغلقة.