معاهدة الصمت ” قصة للأطفال 12:10″…
بقلم عاشور زكي وهبة
أعلنت ديوك المزرعة بصياحها ميلاد فجر يوم جديد.
زقزقت العصافير في أعشاشها، وانطلقت ترفرف بأجنحتها، وتشدو أعذب الاغاريد.
وما بين صفير البلبل وهديل الحمام ترنمت الطيور أنشودة السلام.
بطبط البط، وزبط الأوز في الجداول والغدران…
وفجأة عكرت صفو هذا الشدو الطروب أصوات نشاز قادمة من الربع الخراب: زقاء بوم ونعيق غربان تعلن عن استيائها من صياح الديوك الذي كان مقدمة لهذا العزف الكوني!
إذ أرسل زعيم البوم وأمير الغربان وفدا حاشدا يتوعد ديوك المزرعة بحرب ضروس إذا لم تمتنع عن الصياح الذي يقض مضاجع الغربان ليلا، ويحذر فرائس البوم من الفئران والجرذان فجرا؛ في تجد ما تأكله، ويخيب سعيها الليلي…
جمع الديك الأكبر ديوك المزرعة ودجاجها وكتاكيتها ليطلعهم على رسالة الوفد الناعق ومضمونها، ويتشاوروا في طريقة للرد على هذا التهديد الجلل.
مالت كفة الأصوات إلى حكمة الامتناع عن الصياح والأذان في مقابل السلام مع مملكتى البوم والغربان: أذ أن الدجاج لا طاقة له بمحاربة جيشين في آن واحد.
عقد الديك الأكبر “معاهدة الصمت” لمدة سبع سنوات، تمتنع الديوك عن الأذان، والدجاج عن النقنقة، والكتاكيت عن الصوصوة. ووضعوا لافتات في أرجاء المزرعة مكتوبا عليها:” الصمت حكمة، والصوت نقمة”.
وأنشأ الدجاج مراكز لتعليم لغة الإشارة، واصاب المزرعة الخرس المطبق من كثرة اعتياد السكون والصمت.
تضامنت طيور المزرعة في حظائرها، والعصافير والبلابل في أعشاشها مع الدجاج لتطبيق بنود المعاهدة.. في حين انتشرت دوريات برية واختراقات جوية تصم الآذان: زقاء البوم ليلا ونعيق الغربان نهارا…
حينما همست أصوات داجنة معترضة على هذه المعاهدة المشينة كان مصيرها الحبس والسجن في بئر الصمت المعطلة، أو النفي إلى الربع الخراب لتكون فريسة للضواري الجائعة…
مرت سنوات الصمت العجاف، وقد عم المزرعة الجفاف.
ارتفعت أصوات من جيل الصمت تهدر ليلا في أرجاء المزرعة، تدعو لنقض هذه المعاهدة المفجعة، ليولد فجر يوم جديد تصدح الديوك بآذانها، وتتضامن معها العصافير بصفيرها وزقزقتها، وانطلقت الطيور تطرد البوم والغربان بأصواتهم النشاز، ويعود العمران للربع الخراب.
وعزفت الطيور معا لحن السلام والوئام.
تمت بحمد اللهالجمعة 1/7/2022
التعليقات مغلقة.