مقالات بسن القلم للأستاذ حسين الجندي “قدسية القاضي والمعلم في نظر المجتمع”
مقالات بسن القلم للأستاذ حسين الجندي “قدسية القاضي والمعلم في نظر المجتمع”
بينما أتجول في مواقع الإنترنت الإخبارية باحثا عن كل ما يتعلق باليوم العالمي للتعليم الموافق 24 يناير من كل عام؛استرعى انتباهي هذا الخبر الذي مفاده:
إلقاء القبض على قاضٍ واثنين معه في قضية هزت الرأي العام حيث أنه وصديقيه قاموا باغتصاب فتاة في فيلا بمنطقة مارينا بالساحل الشمالي…
جال بخاطري أمر كلما حاولت إزاحته يعود مرة أخرى ليسيطر على تفكيري..
منذ صغري ونحن دائما نجد أن فئة القضاة فئة مقدسة لا يجوز المساس بها وأن أحكام القضاء لا تعليق عليها…
في الحقيقة كنت ولازلت أوقن بأن هذا المنطق يجب سيادته على الجميع؛ فليس من الصواب مطلقا أن تهتز صورة القضاء في نفوسنا؛فهو ملاذنا الأخير عند الخصام والتشاحن،فقاضي الأرض هو ممثل العدالة والذي يفض النزاعات بين الناس، واطمئناننا لنزاهته المفترضة مسبقا هو السبيل الوحيد أمامنا لتحقيق السلام الاجتماعي…
ولأنه في الأول والأخير بشر يصيب ويخطئ بل ويسهو فإن القضاء له درجات و مستويات كالدرجة الجزئية والابتدائية والاستئناف والنقض الخ…
وهذه الدرجات لضمان العدالة والنزاهة والشفافية،ومع كل حكم مهما كان نظل رافعين شعار لا للتعليق على أحكام القضاء ثم نواصل درجات التقاضي للوصول إلى القناعة الكاملة بأن القضاء قام بدوره قي حدود الورق والأدلة والمستندات…
لذا ومما سبق فإننا أمام فئة مميزة من المجتمع مهما أخطأ بعضهم فالأصل في الأغلبية النزاهة والشرف والرقي، فكل طائفة بها الصالح والطالح، لكن سيكون من مصلحتنا كلنا أن تظل تلك الطائفة في أعلى قمة الهرم السامي وعلى أقصى حد من الطهارة…
ولكن!
عودا للأمر الذي جعل تفكيري يذهب ويرجع بل ويتجول حائرا وينام قلقا في مضجعه هو تلك المقارنة المنطقية التي عقدها بين تعامل المجتمع مع فئة القضاة وتعامله مع فئة المعلمين!
فإذا كانت تلك هي قدسية ومكانة القضاة كما أسلفنا فإن للمعلمين قدسية ومكانة لا تقل عن القضاة بل لا أبالغ إذا قلت أنها قد تزيد!
فالمعلم هو من علَّم الدنيا بكل فئاتها وطوائفها بما فيهم القضاة ذاتهم!
والمفترض في أي مجتمع متحضر أن يعي تلك الأهمية تماما من أول مسئول إلى أصغر عامل، نعم..
فالمجتمع الذي تسود فيه قيمة المعلم وترتفع أسهمه ومنزلته مجتمع راقٍ متقدم حتما، والعكس صحيح..
فوقفة المعلم أمام طلابه لا تقل عن جلسة القاضي في المحكمة، فكلاهما يؤسس لقيمتين نبيلتين (العدل والعلم)..
لن أستطرد كثيرا حَوْلَ حَوَلِ عقول البعض في فهم أو تَفَهُّم تلك القيمتين وعدم تقبلهم لمساواة المعلم بالقاضي!
ولكن لن يستقيم حال مجتمع يُهان فيه المعلم ويُحَطُّ من قدره، فإذا كان للقاضي هيبته المستمدة من سلطته القضائية،فإن للمعلم هيبته المستمدة من سلطته المعنوية السماوية، ومن كونه وريث الأنبياء.
التعليقات مغلقة.