موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

مقتطف من رواية ” اسم حركي “… محمود حمدون

284

مقتطف من رواية ” اسم حركي ”

محمود حمدون

الناشر : مركز الحضارة العربية – القاهرة

قبل عشرين عامًا أو تنقص قليلاً ….
” المؤدلج لا مبدأ له “
أجدُّ في السير بين دروب المدينة الصغيرة , حواريها و أزقّتها متعة خاصة بفصل الشتاء , حينما أخلو لنفسي , أنطلق حيث تأخذني قدمي, سنّة أتبعُها منذ بواكير الصبا , كلما صادفني موكب , أنطلق خلفه , أتبعه و دهشة تلفّ رأسي كعمامة تتضخم بمرور الوقت , أغوص بجوارحي , ربما إيماناً بما أفعل , أو وهما بقناعة أستقر عليها عقلي .
يجدني البعض , خاصة من أعرفهم من الأهل و الأصحاب , أنني بلا مبدأ أسير عليه , مقولة ساخرة أو قذفاً مستتراً , الحق لم أع خطورة ما أفعل إلاّ بعد سنوات طويلة من السير على غير هدى , فأنا الضال كما يقولون ” مصطفى الضال ” حتى أصبح اللقب كنية ليّ , ثم سقط الاسم وبقي الوصف.
فما الضلال ؟
سؤال طرحته على نفسي كثيراً , سألت من أعرف من الكبار من الأهل , الزملاء بالدراسة و المقهى و العمل, فلم أفز سوى بشفقة في العيون , يراني البعض معتوهًا أو تافهًا , يؤكدون أن مسًّا أصابني في الصغر .
يقولون أن هيامي بالظلام طفلاً نحت بداخلي تشوّهًا لا يقبله عقل , يبررون قولهم , بالإشارة و اللفظ لتصرفاتي , جازمين أن أفعالي خير شاهد لهم , دليل عليّ .
أنا الابن الأكبر بعائلة صغيرة , أب و أم يعملان بوظائف حكومية , ثم ولدين و بنت يصغرونني بأعوام متفاوتة, بوفاة أبي أولَا ثم لحاق أمي به بعد ذلك بسنوات , تفرّقت بنا السبل ,منّا من سافر بعيدًا و من تزوجت و رحلت مع زوجها لمكان ناء .. بقيت أنا شاهدًا على المكان , كحارس على دنيا صغيرة لم يرغب الراحلون في هدمها .
تخرّجت من كلية التجارة , حصلت بالكاد على تقدير ” جيد ” كشأن غالبية خريجي هذه الكلية , أديّت الواجب العسكري , ضريبة الدم , خرجت بعدها لأبدأ من جديد .. لكن أي جديد أبحث عنه ؟ هل كان ثمة جديد بحياتي من قبل ثم تقادم ؟!
أنا متوسط الطول , أميل للنحافة , ليس حبًا في ممارسة الرياضة قدر ميلي للتفكير , تلك الفريضة التي تقتل الرغبة في الطعام أو تستهلك طاقتي , بمرور الوقت أصبحت واحدًا من جيش جرّار من الموظفين , أولئك الذين يتيهون في الأرض , يحصلون على الفُتات و بالمقابل لا يقدّمون من العمل إلاّ القليل , علاقة تعاقدية معاصرة بينهم و بين المجتمع : إن تبخسني قدري , أكن عبئاً عليك .. تركة ثقيلة لن تملك منها فراراً ..
لا أتذكر الآن سوى الحذر من الغرباء , التحذير المستمر من رفاق السوء , أولئك الذين سيأخذون بيدي لتهلكة تنتظرني بكل زاوية .. عبارة ” أمي ” الخالدة ” :
” بلاش تتأخر بالليل , فالظلام لا يأتي من وراءه خير “
بداخلك عصيان مستتر , أخشى عليك من مغبة السير وراء عقلك ..
أقف أمام قبرها , أراها شاخصة أمامي , ليست شبحًا , بل هي شحم و لحم , كلماتها تعلو رويدًا حتى تطغى على أصوات السيارات المارة من بعيد .
أبي رحمه الله , رغم تلك القسوة البادية بملامح وجهه , صوته الخفيض الحاد كموسى لا تشعر به إلاّ والدماء تتدفق من شرايينك و أوردتك إن مسّتك شفرته الحادة , لكن بعينيه رقة يخفيها دائمًا وراء خوف من مجهول .
هو موظف , خير مثال لتطبيق مفهوم ” الستر ” ينتظر أول الشهر فإن أتى , ينتظر التالي , حياته جميعها انتظار يتلو آخر , حريص على السير جوار الحائط , يهيم باللوائح و القوانين , يهاب السلطة , يرتعد كلما سمع بتظاهرة , فاتحته ذات مرّة , عقب نجاحي بالثانوية العامة بأمر لاحظته عليه : واجم , يبدو بالك مشغول ؟ّ
رد بابتسامة خفيفة , ربتّ على كتفي : الآن أنت على أعتاب مرحلة جديدة , سنوات قليلة و تنطلق لحياتك , خططّ لها من الآن ..
= هل فعلت أنت ؟
صَمَت , أطرق برأسه , اعتذرت إليه , رفع عينه إليّ وقال : ربما عليك أن تختر طريقًا مغايرًا , النصيحة واجبة و إن أتت ممن لم يفعل بها , فرض عين على الأب أن ينصح ولده .. اختر لنفسك ما شئت .
الالتزام الديني , الحرص على الصلاة , الفروض , النوافل , الدراسة , كل شيء بوقته , , قيود كثيرة تفرضها الأم على الجميع , لا يفلت منها أحد , والضلال هو المروق من الدين كالسهم من الرميّة .. عبارتها الشهيرة على لسانها.

التعليقات مغلقة.