مقدمة كتابي عرق الحارة المصرية…
سيد إبراهيم جعيتم
مقدمة كتابي عرق الحارة المصرية
تتميز الثقافة المصرية الشعبية بأنها ظاهرة فريدة متفردة، فهي ثقافة تُنسَب لشعب عاش على نفس الأرض لأكثر من سبعة ألاف سنة، لم يشتهر عن المصريين حبهم في الترحال أو الهجرة الجماعية أو الفردية، في حين أن كل الشعوب الأخرى تعاورتها الهجرات وتيارات التاريخ العارمة فالحضارة المصرية التهمت كل المتغيرات التي أتت إليها وأخذت ما اتسق معها ولفظت ما عداها، ولعل الفترات الطويلة التي قضتها مصر تحت حكم الهكسوس والحكم اليوناني والروماني والعثماني، أفضل مثال على ذلك، حيث لم تنجح تلك الفترات على طولها في إكساب المصريين الثقافة العدوانية الحربية التي ميزت تلك الثقافات.
يميز الثقافة المصرية منذ فجر التاريخ عاملان رئيسيان هما :
- إيمانه بالحياة الآخرة، مما جعله ينظر إلى الدنيا نظرة عبثية ساخرة ( المصريون يسخرون من أنفسهم ومصائبهم ومشاكلهم و حكامهم ويزهدون في ملذات الحياة) ، وهذا يتفق مع ميولهم الدينية (الرهبنة المسيحية والتصوف الإسلامي).
- العامل الثاني هو ثقافته الزراعية وارتباطه بالأرض، والتي أسست المجتمع على التعاون والتآزر في الأفراح والأتراح.
سكان الحارة المصرية خليط من سكان القاهرة الأصليين والمهاجرين إليها من الوجهين القبلي والبحري، وقد أتي كل منهم بقوانينه الوضعية ولهجته، فتوحدوا ونتج عنهم ما يعرف بأولاد البلد، ومن هنا ركزت علي الحارة في القاهرة كنموذج لكل الحارات المصرية.
وقد اجتهدت لأغوص مع القارئ في الحارة ونستنشق معًا عرق الحارة المصرية
سيد إبراهيم جعيتم
التعليقات مغلقة.