” مكتوب “… محمود حمدون
” مكتوب “
محمود حمدون
====
كأصدقاء صُعقنا بخبر تدحرج إلينا عصر ذلك اليوم , وفاة زميل لنا , أكثرنا مرحاً و إقبالاً على الملذّات , الوحيد بيننا الذي كان يعبُّ من الحياة عبّاً , نذكر أننا نهرناه كثيراً أن يلتفت لآخرته , أن يُعد ليوم سيأتي لا محالة , فكان ينظر لنا دون اهتمام , يقول كلمته الخالدة : مكتوب .. يصُكّ بها آذاننا , فنلتزم صمتاً لا نجد غيره رداً ..
جلست بين الأصدقاء , أتذكر الراحل , و أقلّب عيني بين وجوه الجالسين , يُطرقون للأرض , يمطّون شفاههم , منهم من يقرأ في سرّه , يهمهم , بعضهم يتصعّب حسرة على الفقيد , لا تُخفي العيون ما يعتمل بالأفئدة , فقد لمحت طفرات من تشفّي تنسدل من مآقي البعض , يدارونها بإصغاء للمقرئ ..
قبيل أن ينفضُّ سرادق العزاء , سمعت نفيرًا لسيارة, يعلو رويدًا , انقبضت قلوبنا , أدرنا رؤوسنا سعيًا وراء الصوت , وجدت الصديق الراحل , يمتطي سيارته الفارهة , تعلو وجهه ضحكة ساخرة, تتلوى من مذياع عربته موسيقة صاخبة , تأوّهات لمغنية شابة نجهل أسمها ثم صاح فينا بصوت سمعناه جميعاً : مكتوب .
التعليقات مغلقة.