موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ملامح من حياة السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها

2٬087

ملامح من حياة السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها


بقلم / محمــــد الدكـــرورى

أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسدٍ بن عبد العزَّى بن قصي القرشية الأسدية،وأمها فاطمة بنت زائدة بنت جندب ، ولدت بمكة سنة 68 قبل الهجره ، وكانت من أعرق بيوت قريشٍ نسبًا وحسبًا وشرفًا، وقد نشأت على التخلُّق بالأخلاق الحميدة، وكان من صفاتها الحزم والعقل والعفة ، ويلتقي نسبها بنسب النبي في الجد الخامس، فهي أقرب أمهات المؤمنين إلى النبي ، وهي أول امرأة تزوَّجها، وأول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين .

وفي الجاهلية كان قد قُدِّر لخديجة رضي الله عنها أن تتزوج مرتين قبل أن تتشرَّف بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد مات عنها زوجاها ، وقد تزوجها رسول الله قبل البعثة، ولما أوفى لزواجه منها خمسة عشر عاماً مرت بهما كأكرم زوجين، عاماً تلو عام نَعِمَا فيها بأسعد الأوقات، وأهنأ الساعات، واقترب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأربعين من عُمره الشريف بدأت تباشير النبوة وإرهاصاتها تلوح في أفقِ حياته .

وقبل لقاء رسول الله كانت السيدة خديجة رضي الله عنها امرأة ذات مال وتجارة رابحة، فكانت تستأجر الرجال لتجارتها وتبعثهم بها إلى الشام، ومرت الأيام ووصل إلى مسامعها ذكر “محمد بن عبد الله” كريم الأخلاق، الصادق الأمين، وكان قلَّ أن تسمع في الجاهلية بمثل هذه الصفات، فأرسلت إليه وعرضت عليه الخروج في مالها تاجرًا إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، وحينها قَبِل صلى الله عليه وسلم ذلك منها ، وخرج في مالها ومعه غلامها “ميسرة” ، حتى قدم الشام، وهناك نزل رسول الله في ظل شجرة قريبًا من صومعة راهب، فاطّلع الراهب إلى ميسرة ، وقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟

قال ميسرة: هذا الرجل من قريش من أهل الحرم ، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قَطُّ إلا نبي ، ثم باع رسول الله سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد، ولما قدم مكة على السيدة خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح أو أكثر ، وأخبرها ميسرة عن كرم أخلاقه وصفاته المتميزة التي وجدها فيه أثناء الرحلة، فرغبت في الزواج منه، فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، والسيدة خديجة يومئذ بنت أربعين سنة.

فرأت فيه الزوج الذي كانت تطمع فيه منذ زمن، ولم تزل تلك الرغبة تختلج في صدرها حتى صارحت بها صديقتها نفيسة بنت منبه، فخرجت من ساعتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكلمته، فقالت: يا محمد، ما يمنعك أن تتزوج؟ فقال: ما بيدي ما أتزوج به ، قالت: فإن كُفيت ودُعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة، فهل تجيب؟ فرد متسائلاً: ومن؟ قالت: خديجة بنت خويلد.

فقال: إن وافقت، فقد قبلت ، وأخبر عليه الصلاة والسلام أعمامه برغبته الزواج من خديجة، فذهب أبو طالب وحمزة وغيرهما إلى عم خديجة عمرو بن أسد، وخطبوا إليه ابنة أخيه، وساقوا إليه الصداق، فكانت الزيجة المباركة كأعظم زواج وأبركه ، ولقد سعدت خديجة بهذا الزواج وفرحت فرحًا شديدًا، وكيف لا تفرح وقد حظيت بالأمين الرحيم زوجًا وشريكًا لحياتها؟

فكانت لا ترد له طلبًا، بل تسارع إلى ما يرضيه قبل أن يعرضه؟ وفي يوم جلس الزوجان الكريمان قبل بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، إذ بمولاة خديجة تخبر أن حليمة السعدية تستأذن بالدخول ، ولما سمع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، بحليمة السعدية، خفق قلبه الشريف حنانًا، وراحت الذكريات الحبيبة الحانية تجول في خاطره، ذكريات حبيبة إلى نفسه، تذكر بيداء بني سعد ورضاعته هناك.

وكانت لحظة مفعمة بالمشاعر الفياضة، لحظة أحيت في مثل لمح البصر أو هو أقرب أيام طفولته، أيام نشأته بين ذراعي حليمة، وفي أحضانها ، فقامت خديجة لتدخل حليمة، فطالما سمعت عنها من فم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مدحًا، وحبًا، وحسن وصف ، وما إن وقع بصره الشريف عليها، حتى امتلكه شعور الحب والوفاء، ولم يستطع فمه أن يعبر عما يخالج صدره، من الرأفة والحنان، إلا بكلمة واحدة تعني كل ما يضمر، قال: “أمي، أمي”.

وفي غمرة اللقاء الحار بين الأم ورضيعها الأمين، سألها عن حالها، فراحت تشكو إليه قسوة الحياة والجدب الذي نزل ببادية بني سعد، ثم شكت ضيق العيش، ومرارة الفقر، فأفاض عليها من كرمه، ثم حدّث زوجه خديجة بما ألمّ بمرضعته من ضيق فتدفقت كنوز فؤاد خديجة بالعطف والرحمة ، فعادت حليمة إلى باديتها بأربعين رأسًا من الغنم وبعيرًا يحمل الماء، وزاد ترجع به إلى أهلها.

هكذا، كانت خديجة قبل الإسلام وبعده تبذل مالها إرضاءً لربها وزوجها، فماذا تعني أربعين من الغنم في سبيل إرضاء زوجها، وبحثًا عما يحب وصلة لمن يحب؟ ولما رأت حبه لمولاه زيد بن حارثة وهبته إياه ، وكان عليه الصلاة والسلام حببت إليه الخلوة فكان يخلو بغار حراء شهرًا كاملاً من كل سنة يتعبد، ومكث على ذلك الحال ما شاء الله له أن يمكث ، ثم جاءه جبريل عليه السلام بالرسالة من السماء وهو بغار حراء في شهر رمضان، وكان معه ما كان من أمر الوحي، ثم انطلق يلتمس بيته في غبش الفجر خائفًا، يقول: “زملوني، زملوني، دثروني، دثروني”.

واستوضحت خديجة رضي الله عنها منه الخبر، فقال: “يا خديجة لقد خشيت على نفسي” عندها لم تزد خوفه رعبًا، ولا غمه همًا، بل قالت قولتها المشهورة التي تبقى على مر العصور والأيام مثالاً ومنهاجًا لثبات السائرين إلى الله عز وجل، قالت: “كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتُكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” فاطمأن فؤاد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وسريَ عنه بهذه الكلمات الحانية، والعبارات الصادقة ، ثم انطلقت به إلى ابن عمها “ورقة بن نوفل” وكان قد تنصر فأخبرته الخبر، فقال: “هذا الناموس الذي نزل الله على موسى” رواه البخارى ومسلم .

وهكذا تزوجها رسول الله قبل الوحي، وعاشت معه خمسًا وعشرين سنة ، فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، وظلا معًا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين، وكان عمره في الخمسين، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعًا، وهي وإن كانت في سن أمِّه ، أقرب زوجاته إليه فلم يتزوج عليها غيرها طوال حياتها، وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها، فكان له منها : القاسم وبه كان يُكنَّى، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.

وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح، ونور الإيمان، والاستعداد لتقبُّل الحق، وكان أول ما يبرز من ملامح السيدة خديجة الشخصيَّة صفتي
العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حرامًا ولا حلالاً، في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن ،وفي ذات هذه البيئة، ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف، ولقبت بـ”الطاهرة” .

كما لُقب محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا في ذات البيئة بـ”الصادق الأمين”، ولو كان لهذه الألقاب انتشار في هذا المجتمع آنذاك، لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أهمية تذكر ، ومن السيدة خديجة رضي الله عنها أنها الحكيمة العاقلة ، وتلك هي السمة الثانية التي تميز بها شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، فكل المصادر التي تكلمت عن السيدة خديجة رضي الله عنها وصفتها بـ”الحزم والعقل” ، وكيف لا وقد تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت به صلى الله عليه وسلم في أمور تجارتها، وكانت قد عرفت عنه الصدق والأمانة.

ثم كان ما جاء في أبلغ صور الحكمة، وذلك حينما فكرت في الزواج منه ، بل وحينما عرضت الزواج عليه في صورة تحفظ ماء الوجه ، إذ أرسلت السيدة نفيسة بنت منية دسيسًا عليه بعد أن رجع من الشام ، ليظهر وكأنه هو الذي أرادها وطلب منها أن يتزوجها ، ونرى منها بعد زواجها كمال الحكمة وكمال رجاحة العقل، فها هي تستقبل أمر الوحي الأول بعقلانية قلَّ أن نجدها في مثل هذه الأحوال بالذات ، فقد رفضت أن تفسِّر الأمر بخزعبلات أو أوهام، بل استنتجت بعقليتها الفذة وحكمتها التي ناطحت السحاب يوم ذاك أن الله لن يخزيه، ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل ليدركا الأمر.

ومن ملامح شخصية السيدة خديجة رضي الله عنها ، أنها نصير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه السمة من أهم السمات التي تُميِّز شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكلّ ما ملكت لله ولرسوله ، ويكفي في ذلك أنها آمنت بالرسول وآزرته ونصرته في أحلك اللحظات التي قلما تجد فيها نصيرًا أو مؤازرًا أو معينًا ، ثم هي رضي الله عنها تنتقل مع رسول الله من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد والحصار، فلم يزدها ذلك إلا حبًّا لمحمد وحبًّا لدين محمد ، وتحديًا وإصرارًا على الوقوف بجانبه، والتفاني في تحقيق أهدافه.

فلما خرج رسول الله مع بني هاشم وبني عبد المطلب إلى شعاب مكة في عام المقاطعة، لم تتردد رضي الله عنها في الخروج مع رسول الله لتشاركه ، على كبر سنها ، أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها، فقد نَأَتْ بأثقال الشيخوخة بهمة عالية، وكأنها عادت إليها صباها، وأقامت في الشعاب ثلاث سنين وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى .

وكأن الله اختصها بشخصها لتكون سندًا وعونًا للرسول في إبلاغ رسالة رب العالمين الخاتَمة، فكما اجتبى الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واصطفاه من بين الخلق كافة، كذلك قدَّر له في مشوار حياته الأول لتأدية الرسالة العالمية مَن تضارعه أو تشابهه لتكون شريكًا له في حمل هذه الدعوة في مهدها الأول، فآنسته وآزرته وواسته بنفسها ومالها في وقت كان الرسول في أشد الاحتياج لتلك المواساة والمؤازرة والنصرة.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد” وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: “خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع خطوط في الأرض، ثم قال: “هل تعلمون ما هذا؟” قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: “خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد”.

وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا ذبح الشاة، قال: “أرسلوا إلى أصدقاء خديجة” فذكرت له يومًا، فقال: “إني لأحب حبيبها”. وفي رواية: “إني رزقت حبها” وروت عائشة رضي الله عنها قالت: “جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أنت؟” قالت: أنا جثامة المزنية، قال: “بل أنت حسّانة المزنية، كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدها؟”.

قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فلما خرجت، قلت: يا رسول الله، تُقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، قال: “إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان” وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فغرت يومًا، فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين، قد أبدلك الله عز وجل خيرًا منها؟ فقال: “ما أبدلني الله عز وجل خيرًا منها، قد آمنت بي وكفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل أولادها إذ حرمني أولاد النساء”.

مع تحيات إدارة جريدة على باب مصر

التعليقات مغلقة.