مَنف
دموعُ الثـُريَّا
عبد الخالق شويل
هُنا بينَ المروجِ سجى خَديمي
بعيدًا عن عناءاتِ التحضُـــرْ
يُهدهِّدُني الخيالُ بكُلِ حــــرفٍ
فأسبَحُ في فضاءاتِ التفكّـــُرْ
مُعللةُ الهوى ولسانِ حالـــــي
هُما مسكٌ يذوبُ بنفحِ عنبـــر
ألا يامنف في جنبيَّ عِشـــــقٌ
لكُلِّ خميلةٍ بالحُبِ تُثمــــِـــــر
إذا رقصَ النخيلُ يسوقُ نحوِّي
تراتيلُ الهوى والدوحُ مُزهِر
كأني قد فُتِّنتُ بذاتِ نقــــــــشٍ
تُخلِّدُني وخدُ الطرِسِ مرمـــر
ألا ياعاذلَ العُشاقِ دعهـــــــم
هُنا رفَّ الصَّبا فاندَّاحَ عرعر
هُنا ميرا تُغرِدُ كُلُّ صُبـــــــحٍ
على غضٍّ من الأُملودِ أخضر
هُنا ما زالَ طيفُ الأمسِ يغفو
على كفِ النوى حُبًا تعــــــثر
هُنا عِند الندى أشتمُ عِطــــرًا
لغانيةِ الصِّبا والصبُّ يذكُــــر
هُنا شادَ الفراعنُ ما لِعــــادٍ
فصارَ لهم من الأمجادِ أكثر
هُنا حلَّ الخليلُ فأيُّ فخــــــــرٍ
علا ذاكَ الفخارِ وأيُّ مفخـــر
هُنــــــا أمٌ لأمٍ ذات سعـــــــيٍّ
على ظمأٍ لها صلدًا تفجـــــــر
فسل كنعانَ عن طفلٍ تهاوى
وعمّن أخرجوهُ وقد تدحـــدر
وسل تلَ العزيزِ بأيِّ بخــــسٍ
بدا ذاك الغلامُ وأيُّ مخســر
هُنا قُدَّ القميصَ وراودتــــــهُ
هُنا هِيئَت لِمن قد شدَّ مِئـــزر
هُنا مِن أهلِها شهِدَ ارتجالاً
بِمُعجزةٍ من التأويلِ أخبــــــر
هُنا جُمِعت نساءَ القومِ فيما
شهِدنَّ فأخرجتهُ وما تذمــَّر
فقُلنَّ معاذَّ ربيَّ ليـــــــس إلا
ملاكـًا بين أقبيةٍ تنكَّــــــــر
فقالت ويلكُنَّ تلـُمنَّ قلبًا
تكشــَّفَ ذنبهُ عِشقـًا فانكــــر..
فقالَ السِجنُ عما قُلتِ أسمى
وأرفعُ من حضيضٍ ليس يُغفر.
هُنا التأويِّلُ في سبعٍ عِجافٍ
وفي سبعٍ سمانٍ عِند حتحُور
هُنا والسُنبُلاتِ لهُنَّ وقــــعٌ
سيُّقصي كُلُّ معتوهٍ مُسيطـــر
هُنا رقُّت صُخورُ البيِّدِ قلبًا
لحُزنِ الأُمِ مُذ ألقتهُ يُبحـــــــر
ولولا ذا الرِباطَ لشَقَّ هـــذا
على قلبٍ من الحِرمانِ يُكسر
على عينِ الإلهِ هُنا ترَبَّـــى
وهل بعد العنايةِ فتشُ مِخبــر..
فعادَ إلى جِناحِ الأُمِ كيمــــا
يُظلِلهُ فُؤادٌ كاد يُفطَّـــــــــــــر
تنشَّأ بين إلحادٍ وكُفــــــــرٍ
بقصرٍ بين حاشيةٍ وعسكــــر
هُنا شبَّ الفتى فاستَّاءَ مما
يرى من ظُلمِ احقابٍ تجـــــذَّر
فغادرَ خِفيةً من بعدِ وكــــزٍ
لينجو عِند مقتلِ من تجبَّــــر
تمدِّينَ بعدها حِججًا ثمـــانٍ
إلى أجلٍ وحنَّ لها فأمصــــر
رأى نارًا فقالَ ألا ذَرونــــي
لعلِّي أن أرى للنــــارِ مصدَّر
فنُّوديَّ أن أنَّا فارتجَّ خوفًـــا
فنُّوديَّ لا تخف واخلع لتأُجـر
وألقِ عصاكَ فاهتزَّت فوَّلىّ
فنُّوديَّ هاتِ ما ألقيتَ واظفـر
هُنا ذهبَ الكليمُ على يقيــنٍ
بآياتٍ لمِن لم يؤتَ مُنـــــــــذرِ
فقالَ أنا الإلهُ إليكَ بعضـًا
من الأسحارِ عِندي مِنكَ أسحر
فنادى في المدائِنِ حيثُ لبى
مِن الكُهانِ رهطٌ ليس يُقــهر
فألقوا والعصيُّ لها فحيـــحٌ
فأوجسَ خيفةً من هَولِ منظـر
فنوديَّ لا تخف أقدِم فإنـــا
لنحنُ الغالبونَّ وأنتَ أظهَــــــر
فألقى والعصاةُ كمثلِ أفعــى
تلقَّفُ كُلَّ مُنسابٍ ومُفغِّــــــــر
فخَّروا سُجدًا من بعدِ رجسٍ
هُنا قد ثارَ من حنقٍ وكشَّـــــر..
فأضحو بين إلحادٍ وكُفــــرٍ
وأمسو والطٍلا نبعًا تكوُّثـــــر
ألا فانظُر لِمنفُ الآنَ تبكي
ضـُحاها بعدَ إمساءٍ يُنفِّــــــر…
من التنقيبِ عن آثارِ قــــومٍ
تُسَوَّقُ في الملا كيما تـُـــصدَّر
فتُنتهَّكُ المحارم في قبــــورٍ
تُهتَّكُ في مكامِنِّها وتُحفَّــــــــر
تصيحُ ,أمِن كِلابٍ بعد مجدٍ
أُضاجَّعُ يالهُ من نجسِ معشَّر..
عرائسَ في خدورٍ ذاتِ عزٍ
يُهتـِّكُ عِرضهُنَّ بنانُ أبتر…
يُناجينَّ الفراعنَّ عِندَ سفـــكٍ
وسرِ شقائِّهنَّ حملنَّ جوهـــــــــر
بِما وجعٍ تخِذتُ من القوافـــي
سبيًلا علَّ بعض السِّحرِ يؤثـــــــر
تراثٌ قد تطايِّرَ َثرثرَّتهُ
أيادٍ من أبالسةٍ ومنســـــــَـــــر
بِما سُحتٍ لوى أعناقِ رهطٍ
تناولَّ مِعوَّلاً كيما يُتبِّـــــــــــــر
على طللٍ أصيحُ ورجعِ صوتي
بِمن قد صابهُ صمَّمٌ تعثـــــــــــــــر
إذا هانَ السِنامِ بأرضِ قومٍ
فكم للخزيِّ من ثوبٍ يُجرجِّــــر…
أيا آمونُ قد بُحتُ ارتجالاً
فهل من مُبلغٍ شكوايَّ زوســر..
ألا مِن وارفٍ بالحُبِ يمضي
بِنا قـُدُمــًا لنرفعُ ما تدحــــدَّر..
وهل من باعثٍ في المهدِ طِفلاً
لماشطةٍ يــــُلملِمُ ما تشـــــذَّر..
كِلابٌ لا تُفتَّرُ في جُحـــــورٍ
تَبولُ على كنوزٍ لا تُقــــــــدَّر
من قديمي
الذي اعتزُ به
وبلا رتوج
ديوان ((زفرة أسى))
عبدالخالق شويـــــــــــــــــــــــــــل
التعليقات مغلقة.