منهجية التعليم تعطل القرآن…بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه
منهجية التعليم تعطل القرآن…بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه
القرآن الكريم ذلك الكتاب لا ريب فيه ؛ هدى للناس،ووسيلة نجاتهم وطريق نجاحهم ، فيه تاريخ الأولين والآخرين إلى يوم القيامة وما بعد القيامة ، وبه يقوم كل شيئ وبدونه ينهار كل شيئ ، فيه الشفاء ، وفيه الأدب ، والعلم ، والفن ، والجمال ، والكمال ، والإعجاز ، والحق، والعدل ، والسلام، والتقدم، والحكمة، والأخلاق، والمنطق ….فيه كل شيء لأنه يحيط علما بكل شيء؛ ولذلك هو فوق كل شيئ .
كيف تعاملت وزارات التربية والتعليم في أغلب الدول العربية والإسلامية مع كتاب القرآن الكريم والتربية الإسلامية كمواد دراسية ؟
الواقع يؤكد أن الوزارات المعنية في عموم الدول العربية والإسلامية جعلت القرآن الكريم يحتل أدنى مرتبة – معارف، معلومات، مهارات…- الأمر الغريب ، والمحير أن أحدا لم يحرك ساكنا – حتى اليوم – سواء من الأكاديميين،والمختصين ، أوالعلماء، والفقهاء، أو المعلمين، والمتعلمين …. !!
ولكي ندرك حجم المفارقة ،وسعة الهوة التي تعمدت، وتواطأت وزارات التربية والتعليم ووزارات التعليم العالي – بقصد او بدون قصد – وحتى المدارس والجامعات الدينية الرسمية المتخصصة ، فعلينا أولا أن نوضح ابجديات المشكلة، وبدورها ستكشف لنا أنها وراء كل المصائب التي يعيشها العرب والمسلمون اليوم والتي توجت بوسم( الإرهاب) فكيف حدث ذلك .
تقول العرب : أن البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير ، ولأن العبرة بالنتائج فما هي حصيلة المنهج التعليمي لمادة القرآن الكريم مقارنة ببقية المواد ؟!
على سبيل المثال :
إذا أخذنا طالب الصف الثالث الثانوي وطرحنا عليه مسألة حسابية تتكون من عمليات( الجمع والطرح والضرب والقسمة والمعادلات…) فإنه سيقوم بحلها، فقد سبق وأن تعلم الأرقام والحساب في المراحل الأولى من تعليمه الإبتدائي ،ثم تعلم الضرب والجبر والهندسة في المراحل الوسطى ،ثم تعلم حل المجموعات و المعادلات في المراحل الثانوية… وبناء على تراكم الخبرة لديه فإن الطالب لن يجد أي صعوبة في حل المسألة .
وكذلك الحال في مادة الكيمياء ،والفيزياء ،والاحياء، والعلوم، والجغرافيا،واللغة العربية…..لكن ماذا عن القرآن الكريم !!
لو سألنا نفس الطالب المتخرج من الثانوية : أنت درست ما يقارب خمسين سورة طوال مراحل تعليمك البالغة 13عاما فهل تحفظ أو تتذكر منها شيء؟
بدون شك سيجيب : لا أتذكر مما حفظته سوى آخر سورة أخذتها، وبعض السور القصار السهلة التي لم أنساها لأني أرددها في كل صلاة، أما البقية فما عدت احفظ منها لا حرف ولا معنى !
يقول الخبراء أن المواد العلمية وغير العلمية تترسخ في ذهن الطالب عبر عمليات عقلية وتحفيزية – مراجعة وتذكير – فلا ينساها بسرعة، نقول للخبراء مادام الأمر كذلك أليس القرآن الكريم فيه كل شيء ؟
لماذا تدأب سياسة التعليم على تذكيرنا بجدول الضرب – دائما – لدرجة أن رسمته في أغلفة الدفاتر والكراسات المدرسية ؟
ولماذا نجد في كل كتاب خاص بمرحلة جديدة مكتوب في مقدمته( مراجعة لما سبق )،
ولا نجد ذلك في مادة القرآن الكريم والتربية الإسلامية !!
لا نجد مراجعة لما سبق أخذه !
لا نجد سورة تذكرنا بما تم حفظه !
لماذا يستطيع الطالب في المراحل الأخيرة حل المعادلات الرياضية ،و الفيزيائية، والكيميائية، والنحوية إعتمادا على تراكم المعلومات والخبرات لديه طوال سنوات دراسته، ولا يستطيع تذكر سورة قصيرة، أو تفسير ،أو تأويل آية سبق وأن حفظها وعرف معناها ؟!!، بل تراه يقف حائرا حول إشكالات بسيطة تتعلق بحكم من أحكام الشريعة ؟
لماذا تحرص الوزارات والمؤسسات التعليمية على توفير حاجة الطالب من معلومات، ومعارف لازمه لإعداده كطبيب،أو مهندس،أو معلم وفي الوقت نفسه تجعلهم فقراء من المفاهيم الدينية التي تمس حياتهم بشكل مباشر ؟!
لماذا جعلت القرآن وعلومه في خانة النسيان ، فيما بقية المواد في خانة الحث، والتذكر ، فأحاطت كل المواد بالمحفزات المناسبة مثل التذكير ، والمراجعة، والتقويم،والتقييم، والمتابعة…؟
بل تحول الأمر إلى قواعد وأساسيات عامة نتعاطاها كمفاهيم ( من ينسى قواعد النحو لن يفقه القراءة والكتابة – من ينسى الجدول الدوري لن يفهم الكيمياء – من ينسى جدول الضرب لن يفهم القسمة – من ينسى الخريطة فلن يفهم ………إلخ )
وهكذا قواعد، وأبجديات، وتسلسل ومتابعة، وبناء فوقي يفضي إلى تراكم معرفي لكل المواد ما عدى القرآن الكريم !!
فالطالب الذي قرأ أوحفظ شيئا من القرآن في الفصل الأول ينساه نهاية الفصل الثاني، ومن لا زال عالقا في ذهنه شيئ من القرآن تتكفل العطلة الصيفية بمحو ما علق؛ فلا يأتي العام الدراسي الجديد إلا والمعلم والمنهج التعليمي يشنان حملة تذكير ومراجعة لكل المواد ما عدى مادة القرآن الكريم !!
فنجد سور جديدة ومعاني جديدة لا علاقة لها بما سبق، وهي بدورها مكرسة ومهيئة عن سبق إصرار وترصد لنسيانها نهاية الفصل .
و في النهاية يكون الحصاد تخرج دفع وكوادر من الأطباء، والمهندسين، والمعلمين، والضباط والموظفين ….. جميعهم لا يحفظون من كتاب الله شيئ، ولا يتذكرون من حديث نبيهم صل الله عليه وآله وسلم وأخلاقه إلا قليلا ، ولا يفقهون من حدود دينهم وأفق شريعتهم إلا غثاء .
ونتيجة لهذا التغافل والتجاهل وعدم الاهتمام في بيئة متدينة خصبة متعطشة كان من الطبيعي جدا جدا ، بل كان مما لابد منه نشوء عشرات آلالاف من المدارس الدينية على امتداد العالم العربي والإسلامي والعالم كله، عنت واهتمت بتعليم القرآن الكريم وعلومه خارج إطار المؤسسات التعليمية الرسمية، فنشات مدارس ومراكز التحفيظ، والمعاهد، والمساجد ….الخ، بدعم، واهتمام، ورعاية المذاهب الدينية بشقيها المتشدد والمعتدل ، وكذلك الأحزاب السياسية الراديكالية والمؤدلجة، وأصحاب التوجهات والأفكار المتعددة، بل وساهمت المخابرات المعادية – كما انكشف اليوم – في إنشاء بؤر، وبث افكار، وتغذية وتوجيه قوى ،وتكوين تيارات أفضت إلى خلع لقب الإرهاب على المسلمين ،والذي بفضله تم تدمير بلدان كاملة ،وسحق وإبادة وحصار شعوب ،وتمزيق عرى علاقات مضى عليها مئات السنين ،و أذكى جمرات صراعات تاريخية، وأسس لمستقبل طويل من الصراع العقائدي، والصدام الحضاري، والتطرف فكرا وسلوكا، والانحراف الأخلاقي الإنساني ….، وما نشهده اليوم إلا بداية .
عبدالله عبدالإله باسلامه
اليمن / ذمار .
يتكون الموضوع من جزئين هذا الجزء الأول منه .
التعليقات مغلقة.