من أجل الوطن بقلم / أ.د. أمين الشحاتيت

من أجل الوطن بقلم / أ.د. أمين الشحاتيت

أبي العُمْرُ ضاعَ وأنتَ في ظُلُماتِ سِجْنِك لمْ تزَلْ تقبعْ

ونحنُ نعيشُ في بحبوحةٍ كبرى من الأحزانِ والهَمِّ الذي صِرْنا لهُ مرتٓعْ

أرى الأطفالَ مَعْ آبائِهم وأنا بدونِ أبٍ وخدّكَ كيفَ يا أبتي
عليهِ قُبلتِي أطبعْ؟

وأُمّي حين أسألُها متى؟ قولي: أبي يرجعْ
تُخبئُ وجْهَها ما بينَ كَفَّيْها
ويختَنِقُ الكلامُ بِثغْرِها دوماً
فلا هي يا أبي تحكي ولا أنا صوتَها أسمعْ

وأوقاتُ الزيارةِ حيث أرغبُ أن أسلّمَ يا أبي!
فيتمُّ لي هذا إذا كفّي تحوّل كلّه أُصبعْ …
لِيخترقَ الحواجزَ والثقوبَ الشائكاتِ ومن جنونِ الاشتياقِ يُلامس الأضلعْ

وتُهديني بحبٍّ سُبحةً فتّانةً
كي تقتلَ الزَّمنَ المريرَ صنعتَها
فودَدْتُ لو قبّلْتُ يا أبتي أنامِلك التي تَصْنَعْ

وحينَ أعودُ ثانيةً لمنزِلنا
أُحاولُ أُقنِعُ القلبَ المتيّمَ فيكَ والمولَعْ
بأنّ غداً لناظرهِ قريبٌ يا أبي
لٰكنّهُ هيهاتَ أنْ يَقنَعْ

فَقُل لي كيفَ أُقنعُهُ بأنّ الشمسَ رغْمَ أنوفِ أرتالِ الدّجى لا بُدّ أنْ تَطلعْ؟

وهامَتُه ستبقى العمرَ شامِخَةً
لغيرِ اللهِ لَنْ تَركَعْ

وأصحابُ الإرادةِ للطّحالبِ لا ولن تَخضَعْ

فَخُذها حِكمةً مِنّي
وشِدِّ العَزْمَ لا تَجْزَعْ
إذا الإنسانُ لم يَتفَجّرِ الإيمانُ فيهِ
كما تتفجّرُ الأمْواهُ في المَنبعْ
فإنّ حَياتَه تغدو كمن يَحيا بمستنقعْ …. بمستنقعْ.