موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

من أطلق الرصاص … د.أحمد دبيان

1٬491

من أطلق الرصاص

د.أحمد دبيان

” أهل مريض يقتحمون طوارئ مستشفى ويعتدون على الأطباء “

“طالب يقتحم مكتب أستاذ جامعى ويعتدى عليه بطبنجة “

” القبض على وكيل نيابة يتاجر فى المخدرات “

هذه العناوين صارت نماذجاً لمانشيتات الصحف التى ما فتئت تطالعنا فى العقود الخمس الأخيرة وهى رصد حقيقى لتدهور عام أصاب البنية الأخلاقية المصرية .

تدهور بدأ منذ خط كاتب مسرحى آمن بالتطبيع مع العدو فكتب فى السبعينات ما إعتبرته الأجيال المستهدفة نموذجاً وصرعة أجيال وبتشجيع من السلطة القائمة وقتها رغم سابقته التفكيكية فى مسرحيته أغنية على الممر والتى كانت من الأعمال المفككة للروح المعنوية لجنود وقت الحرب على جبهات القتال .

لم يكن هذا التدهور وليد الصدفة .

بدأ هذا التدهور وكما يرصد الدكتور عبد العظيم أنيس

يقول الدكتور عبدالعظيم أنيس فى شهادته :
كنت آنذاك وثيق الصلة بوزارة التربية والتعليم، فقد كنت «رئيسا للجنة القومية لتعليم الرياضيات فى التعليم العام»، وكنت مستشارا للوزارة ومشرفا على تدريب المدرسين فى «الرياضيات المعاصرة»، وكنت أزور المدارس التى طُبِّقت بها المناهج الجديدة، وأُناقش نُظّار المدارس فى توزيع جدول الرياضيات على المدرسين وفى اختيار المدرسين أنفسهم للتدريس فى الفصول المختلفة، وأحضر كثيرا من الحصص بنفسى.
ومن بين هذه المدارس التى كنت أزورها آنذاك «مدرسة بورسعيد» بالزمالك، حيث كان جمال السادات، وكان معروفا بالمدرسة أنه يستحيل عليه أن ينجح فى امتحان الثانوية العامة المصرية (القسم العلمى)، فما بالك بالحصول على مجموع يدخله كلية مثل كلية الهندسة؟! (التى تخرّج فيها «خالد جمال عبدالناصر» متفوقاً، وعُين فيها «مُعيداً»).

فى هذا الوقت بدأت صحف الحكومة (التى يُفترَض انشغالها بالجيش الثالث المحاصر على الجبهة) تتحدث فجأة عن «صعوبة مناهج الثانوية العامة»، وإلى هنا فإن الأمر يمكن ابتلاعه إلى حد ما، لكن الأغرب من ذلك أن الموضوع دخل «مجلس الوزراء» فأخذ المجلس يناقش صعوبة مناهج الثانوية العامة، وكان د. عبدالقادر حاتم يرأس المجلس، وقرر «تشكيل لجنة وزارية لبحث الموضوع»!
وكان هذا عجيبا إذ إن الشكوى من مناهج التعليم العام أمر طبيعى والآراء بين التربويين تتفاوت حول هذا الموضوع، لكن الطبيعى أن يدور الجدل حول هذا فى أروقة الوزارة المختصة: «وزارة التعليم»، أما أن يجد مجلس الوزراء الوقت لمناقشة مناهج الثانوية العامة بالذات (وفى عام 1974 بالذات) عندما كان جمال السادات طالباً بالثانوية العامة، فلا بد أنها كانت أكبر من أن تكون «مصادفة سعيدة»!
شُكّلت «اللجنة الوزارية» لبحث هذا الموضوع من د. حسن الشريف وزير التأمينات ود. محمود عبدالحافظ وزير الإسكان، والدكتور كامل ليلة، وزير التعليم الأسبق، والمرحوم الأستاذ على عبدالرازق وزير التربية والتعليم. واستدعيتُ أنا لحضور اجتماعات اللجنة مع أساتذة آخرين من الجامعات ومن رجال الوزارة فى مكتب «وزير التأمينات»، ويشهد على هذه الواقعة كثيرون من رجال الجامعات منهم د. صبحى عبدالحكيم (رئيس مجلس الشورى، فيما بعد) والذى كان يمثل مادة الجغرافيا، والدكتور محمد أنيس، والذى كان يمثل مادة التاريخ، والدكتور محمد النادى، الذى كان يمثل مادة الطبيعة، ولقد قلت للصديق المرحوم د. حسن الشريف ساخرا فى التليفون: «إن العلاقة بين التأمينات ومناهج الثانوية العامة لابد أنها وثيقة، وإلا ما عقدتم الاجتماع فى وزارة التأمينات»!
ولقد كان واضحا أن وزير التعليم د. على عبدالرازق لم يكن راضياً عن هذا العمل، ولذلك لم يحضر الاجتماع وحضر الدكتور كامل ليلة الاجتماع قرب نهايته، ودارت المناقشة أساسا بين المستشارين وبين وزيرى التأمينات الاجتماعية والإسكان، وكان واضحا من أول الاجتماع ، أن «مادة الرياضيات» هى المستهدفة! ولذا دارت مناقشة حادة بينى وبين وزير الإسكان طالت لأكثر من ساعة، وصممتُ على موقفى برفضى طلب وزير الإسكان بـ«إلغاء كتاب التفاضل والتكامل من مناهج الثانوية العامة»، والتفت د. محمود عبدالحافظ إلى د. حسن الشريف وقال بالإنجليزية بصوت مسموع: «لا فائدة.. لا يوجد طريق للتفاهم»! وأرسل لى أستاذ جامعى تحت منضدة الاجتماع ورقة سلمها لى د. صبحى عبد الحكيم (الذى كان يجلس بجوارى)، يقول فيها: «كفى.. إنك لن تُقنع هؤلاء الناس بشى أبداً» وانفّض الاجتماع وأنا على موقفى ورجال الوزارة من أساتذة الرياضيات متضامنون معى فى هذا الموقف مقتنعون بالأسباب التى أبديتها فى رفض طلب وزير الإسكان.

كان هذا فيما أذكر فى يناير 1974، وبعدها نسيت الموضوع، وانشغلتُ بأعمال كثيرة منها وضع امتحان الثانوية العامة لدور يونيو سنة 1974 فى الرياضيات، ومنها الإعداد لسفرى إلى بريطانيا لمدة ستة أشهر (من مايو إلى أكتوبر) كأستاذ زائر فى إحدى جامعات بريطانيا.. حتى كان يوم جمعة خلال شهر مارس 1974 خرجت فيه مع أسرتى لقضاء النهار وتناول الغداء خارج البيت.
وعندما عدنا بعد الظهر أخبرنا الجيران أن سيارة من رئاسة الجمهورية جاءت تسأل عنى مرتين، وأن رجلاً بالسيارة ترك لدى الجيران ورقة لتسليمها لى، وعندما فتحت الورقة وجدت أنها من مكتب الرئيس ومكتوب عليها بالحبر: «رجاء الاتصال بأرقام التليفونات…» ثم توقيع غير واضح. وأدرتُ قرص التليفون بأحد هذه الأرقام وقلت: «أنا فلان.. ماذا تريدون منى؟» وعرفتُ أن الذى يرد على التليفون هو رجل عرف عن نفسه أنه «العقيد رؤوف»، وأنه يريد أن يعرف متى يرسلون سيارة من الرئاسة لحضورى إلى منزل الرئيس لأن جمال لديه أسئلة فى الرياضيات يريد أن يسألنى فيها؟!
وامتلأت نفسى بالغضب وقلت لمحدثى وأنا أحاول أن أضبط أعصابى: «إنك لا شك لا تعلم أن أستاذ الجامعة يحال إلى مجلس تأديب إذا أعطى دروساً خاصة».
قال فى برود: «لا أعرف».
وقلت: «أنا واثق من ذلك.. وواثق أيضا أنك لا تعرف أننى واضع امتحان الثانوية العامة»!
قال فى برود أيضاً: « لا.. لا أعرف»، وأعطيته أحد المدرسين الأوائل بالمدارس الثانوية ليتصلوا به حتى يُجيب عن أسئلة جمال السادات فى الرياضيات ووضعت السماعة.
لكننى بقيت فى ثورة غضب طوال الليل، وحاولت زوجتى أن تهدئ من غضبى، وفى الصباح ذهبت إلى وزير التعليم د. على عبدالرازق لأخبره بما حدث ولأعرف منه إن كان على علم بهذه المهزلة أم لا؟!
لقد كنتُ وما زلت أُكنُ لهذا الرجل محبة، لسابق معرفتى به، ولم أكن أتصور أن يكون له صلة بهذا الموضوع، ولقد أثنى الرجل على موقفى، لكننى وجدته يحاول أن يقنعنى بالذهاب مرة واحدة إلى منزل السادات لتقييم «الولد» كما قال: فأمه منزعجة بسبب حالته، وهى تخشى عليه من الرسوب فى الامتحان ولا تعرف ماذا تصنع؟!

وفهمتُ من الوزير أنها كثيرة الاتصال به فى هذا الموضوع، وأنه يشعر بحرج شديد.
قلت له: «لماذا لا ترسل أحد مفتشى الوزارة أو مدرسيها الأوائل لتقييم الولد، إن كانت المسألة مجرد تقييم، إننى أريد أن أعرف من الذى أعطاهم اسمى بالذات؟!».
قال الوزير: «إن اسمك موجود على الكتب، والكل يعرف أنك تزور المدراس كثيراً لمتابعة مشروع الرياضيات المعاصرة الذى بدأ مع اليونسكو».
وصممتُ على رفض طلب الوزير، وقد حاول مستخدما معى حججا أخرى، فقد قال: «إن السادات خارج من حرب أكتوبر، وليس لديه وقت للإشراف على الولد»!
وضحكتُ وقلت: «هل تريد أن تقنعنى أن السادات لو لم يكن خارجا من حرب أكتوبر لساعد ابنه فى الرياضيات؟ إننى بصراحة لا أتوقع من وزير التعليم أن يطلب منى هذا الطلب».
وانصرفتُ من مكتب الوزير حزيناً وتَمّلكنى شعور بأن ما حدث بالأمس ليس إلا المحاولة الثانية، بعد فشل المحاولة الأولى فى اختصار المناهج بشدة على يد اللجنة الوزارية، وكان أشد ما أحزننى هو الشعور بأن مصر تُدار كعزبة.. وعلى الخولى والتَمّلى والأنفار أن يكونوا فى خدمة «السيد صاحب العزبة»، وأن الحديث عن سيادة القانون هو عبث فى عبث!
ولم يمض على هذه الواقعة أكثر من شهر حتى حدث تعديل وزارى و أُخرج د. «على عبد الرازق» من «وزارة التربية والتعليم» و عُيِّن «د. مصطفى كمال حلمي» مكانه فى إبريل 1974، وذهبتُ إليه مهنئا كصديق قديم، لكننى حكيتُ له القصة بأكملها وسألته: إن كان يعرفها، فقال إن هذه أول مرة يسمع بها، فقلتُ على الفور: «على أى حال لقد رويتُ لك تلك القصة حتى لا يحاولوا معك».
كان هذا فى إبريل 1974، ولم يبق على امتحان الثانوية العامة المصرية غير شهرين. وقد عرفتُ بعد ذلك أن شخصا ما تقدم لهم بالحل العبقرى.. وهو إخراج ابن السادات من امتحان الثانوية العامة المصرى وإدخاله امتحان الثانوية الإنجليزية فى يونيو، حيث لا يوجد امتحان فى اللغة العربية، وحيث «امتحان الرياضيات» هو امتحان الضرب والقسمة، ولا شيء أكثر!

تنتهى هنا شهادة الدكتور عبد العظيم أنيس وتسلمنا للتأمل والتحليل .

التفكيكية التى بدأت تضرب بمعاولها فى المجتمع المصرى منذ السبعينات لم تكن وليدة صدفة ولا كانت ناتجاً لمجانية التعليم او للحراك الإجتماعى الذى أحدثته حقبتى الخمسينات والستينات.

هذه التفكيكية المحلحلة الممنهجة كانت تكتيكات نجحت فى اختراق قلب منظومة السلطة لإطلاق جموح مجتمع الغرائز .

ومن مجتمع المثال والأنا الأعلى الذى يحكم فترتى الخمسينات والستينات ، جاءت فترة السبعينات لتصبح الوسيلة مهما كان انحطاطها آلية الوصول إلى شكل الغاية .

وبعد ان كان التعليم قيمة فى ذاته ووسيلة للحراك الإجتماعى ، تحولت القيمة الى لهاث مجتمعى للوصول إلى شكل العنوان دون الإهتمام بالقيمة والمحتوى .

وبعد ان تم تفصيل معادلة شهادة أجنبية مخرجها هو مستوى آخر متقدم للوصول الى عنوان الوجاهة والتنافسية المريضة لدى رأس الدولة وزوجته ، صارت آلية هدم القيمة للشهادات الحكومية المصرية وخلق أنظمة موازية هى نهج الحقبة السبعينية وما تلاها .

تم هدم وتشويه قيمة النظام التعليمى المحايد الموحد رغم جودة ما يقدمه واطلاق العنان لأنظمة البيزنس الموازية المخصخصة مع اطلاق سعار المظهر والشكل دون الجوهر . ففقد التمايز العلمى الحقيقى معناه وهو بالتأكيد جوهر الإستقرار والتقدم لتحل محلخ وبالتدريج كل قيم الغرائزيات الطفيليةالمحلحلة لأكثر المجتمعات استقرارا لتعلو وجوه المظهر دون الجوهر فتاصدر المشهد ويفقد الأستاذ الجامعى والمعلم والقاضى والطبيب القيمة الأصيلة وينهار كل شئ

التعليقات مغلقة.