من الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم .. د.وجيهة السطل
من المعروف صرفيًّا في اللغة العربية، أن حروف الزيادة،تقدم للجذراللغوي معنى جديدًا، بل قد تقلبه أحيانًا إلى النقيض .
من ذلك: قسط وأقسط . قسط وتعني ظلم .(ولا تكن من القاسطين ) وبزيادة الهمزة ، جاء نقيض المعنى. أقسط عدل .(إن الله يحب المقسطين)
ومن ذلك عتب وأعتب .عتب:ذكر لصاحبه ضررًا أو سوءًا وقع عليه منه. وأعتب :أزال له سبب عتابه.يقول أبو ذؤيب الهذلي :
أمن المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمُعْتبٍ من يجزع.
وقد يتحقق هذا النقيض باختلاف حرف الزيادة، كما في أحصى وحصّى أحصى الشيء عدَّه وذلك لأنهم كانوا يستخدمون الحصى في العدِّ قديمًا.والعددُ نتاج الحصى المتجمع لديهم . وحصّى بالتشديد أزال من الحبوب الحصا المخالِطة، ورماها بعيدًا.
وقد لا يكون المعنيان متناقضين ،وإنما يرجح أحدهما على الآخر لمعنى يحمله ،ولا تحمله الزيادة الأخرى.كالتضعيف في نزَّل والهمزة في أنزل .
يقول تعالى في سورة ياسين:الآية /١٥
{قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}
والحوار هنا مع مجموعة غير مؤمنة بإرادتها، وتعلم أنها تتجاهل الدعوات السابقة لعبادة الله الواحد،لذا تلقي بكلمة أنزل سريعًا وتهرب، وتتبعها بكلمة الرحمن.لثقتها في قرارة نفسها أنه سيرحمهم، لأن غرضهم انتظار ما سيصلهم من الرحمن.
وفي سورة المُلك في حوار أصحاب النار مع خزنة جهنم :
({ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ(٨) قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩) }
وهؤلاء قوم آخرون ،حَقَّ عليهم العذاب،وفقدوا الأمل في الرحمة،وأقروا بعنادهم، وهم يرَوْن آيات الله تتنزّل عليهم متتابعة، وهم بها يجحدون.وأتبعوها بلفظ الجلالة العظيم (الله)- الذي تهتز له الأرض والسموات والجبال – اعترافًا بعنادهم وتماديهم في الكفر ،وثقة بعدل الديَّان الذي ألقاهم في جهنم .
طابت أوقاتكم
ولكم تحياتي
التعليقات مغلقة.