من المجموعة القصصية روچيندا …
بقلم سمير لوبه
تحتَ عباءةِ الليلِ الصامتِ ، يفتحُ الصندوقَ الخشبي القديمَ ، تعانقُ فيه الذكرياتُ عطرَ رسائلِها القديمةِ ، تثيرُ عاصفةَ وجدانِه وأشجانِه ، بينَ غيماتِ الواقعِ الداكنةِ في الخريفِ تتساقطُ أوراقُه ، يلملمُها فيجدُ رسالةً بالحبرِ العتيقِ كُتِب فيها ” معًا إلى الأبد ” يزفرُ بحسرةٍ
- أينَ أنتِ الآنَ ؟ !!
يَحيَا بَينَ جُدرَانِ جُمْجُمَتِه ، يَغُطُّ في صَّمْتٍ عميقٍ مع مَقْطُوعَاتِ ” موزارت ” ، تَزْدَحِمُ ذَاكِرَتُه يُقَاطِعُها صَخَبُ نُوتَةِ ” باخ ” بَينَمَا كَانَ يُفَكِرُ في شَجَرَةِ التُّوتِ ، فلمْ يَسْتَطِعْ الكَرَزُ أنْ ينسيه طعمَ التوتِ ، تَحومُ رَوحُه محلقةً تبحثُ عنها ، يصرُخُ الصَمتُ في داخلِه : - هل أجدها ؟ !!
إِلَى جوَارِ النَّافِذَةِ يلمحُها تَتَهَادَى ، عَلَى شَفَتِيها الوردُ مرويٌ بأنداءِ الصَّبَاحِ ، خَصرُها الخَيزرانُ إذَا هَبَت عَلَى قَدِها الريحُ تميلُ ، رياحُ العِشْقِ تداعبُه ، فإذا بها تجلسُ عَلَى مِقعَدِ الانتِظَارِ ولم تَركَبْ ، يَنطَلِقُ القِطَارُ يَعوِي ، يفقدُ خريطتَه ، تضيعُ بُوصلَتُه ، يَطُولُ به المِشوَارُ ، لا يرافقُه سوى الصَّمتِ وطُولِ المَسَافَاتِ ، تمتدُّ بِحَارُ الغربةِ بِه ، يَصِلُه مِن العُمرِ إِخطَارٌ : - اقتَرَبَت مَحَطَةُ الوُصُولِ .
بقلم سمير لوبه – مصر
التعليقات مغلقة.