من رواية ” اللعبة ” محمود حمدون
من رواية ” اللعبة ” محمود حمدون
أنظر يا صديقي , على فرض صحّة حديثك , الذي طال عن الحد و تجاوز كل منطق بداخلي , فماذا تريد ؟ وما علاقة ذلك بعملك وألعابك التفاعلية ؟
أتقصد أنك صنعت وصمّمت لعبة تفاعلية , كنسخة موازية لعالمك وأجزم أنك وضعتنا بداخلها كأطراف ولاعبين , تحرّكنا كما تشاء, كمخرج قابع وراء الستار , ماهر بعمله حتى يتوّهم الجمهور أن العرض المسرحي حقيقي وأن اللعبة واقع يضحكون مع أبطاله أو يبكون بحرقة على مأساة تلحق بأحدهم . أصحيح ما أقوله ؟
قال ” فؤاد “بثقة كبيرة : نعم .
-مالك تبتسم هكذا ؟ لم تأت بجديد , على فكرة أي مبرمج كمبيوتر فاهم كويس يستطيع أن يصمم لعبة تفاعلية ويودع شيفرات برمجية بالذكاء الاصطناعي تصنع للاعبين وعيا بمحيطهم واستقلالية وفردية بحركتهم .. أليس هذا ما قصدته ؟
- ربما أنت أو غيرك ممن يملكون هذ المهارة يستطيعون ذلك , لكن ما فعلته أنا يختلف كثيرا .
-يختلف في ماذا ؟ نفس الأدوات والمهارات يمكن لأي خبير أو يوظّفها في تصميم ألعاب كثيرة مماثلة أو أكثر تعقيدا .
-أنا صنعت حياة كاملة بداخل اللعبة , واصطنعت وعيا ذاتيا لموجودين بداخلها , يتفاعلون معي يأتمرون بأمري ويعصونني ظاهريا .
أصبحت لهم قرارتهم غير المتوقعة وردود أفعالهم التي لا أعرفها بدرجة كاملة , يملكون وعيا يتحركوّن بموجبه ثم يوظّفونه في الوعي بما يحيطهم وتسخيره لمصالحهم .
شطّ خيالك بك بعيدا , أراك فعلا تقترب من حافة الجنون , و رجاء لا تخبرني أن الجنون أن تكون مختلفا عمّا حولك .
-إذن : ما الفيصل والمعيار ؟
أ-ن أرى بعيني ما صنعت ؟ إن كان حقا ما تقول .
-صدقت فليس من رأى كمن سمع , هلمّ إلى غرفة مكتبي , حيث جهاز الكمبيوتر و شاشة العرض الكبيرة .
قام ” علي ” بتثاقل ورأسه كمرجل بخاري يكاد ينفجر , نظر إلى ” فؤاد ” من طرف خفيّ فلاحظ هدوءاّ كبيرا يعتريه وثبات يلفّه من رأسه لأخمص قدميه , سارا وراب بعضهما , كلّ منهما يتحاشى نظرات قرينه .
التعليقات مغلقة.